شَهرُ عَسل العَلم الإسرائيليّ في كُردستان العِراق يَنتهي بطريقةٍ مأساويّة مُشرّفة وبِقُوّةِ القانون.. “صَحوةٌ” كُرديّةٌ من الخُذلان العِبري.. ألمْ نَقُل لكم أن المارد العِراقي بَدأ يَخرجُ من القُمقُم ويَستعيد قوّته ومَكانته؟

أربعاء, 2017-11-01 16:44

لا نَستبعد أن يكون بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، على وَشكِ فَتح سَرادق عزاء لاستقبال المُواسين في خَسارته وحُكومته الفادحة لكُردستان العِراق، بعد تحوّل استفتاء الانفصال، الذي دَعمه بقوّةٍ، إلى كابوسٍ كبير، وباتت الحُكومة الاتحاديّة العِراقيّة، صاحبة الكَلمة الأعلى في الإقليم، مَدعومةً بنسبةٍ كبيرةٍ من الأكراد.
إسرائيل خَرجت الخاسر الأكبر من هذا الاستفتاء بعد السيد مسعود البرزاني، رئيس الإقليم، بعد سنواتٍ من العلاقات التحالفيّة القويّة، استفادت منها أمنيًّا وماليًّا ونِفطيًّا، واعتقدت أنّها بَنت قاعدةً استراتيجيًّة لها في شمال العِراق، ودرّبت قوّات حليفة يُمكن أن تستخدمها لإضعاف، بل لاستنزاف الدّول الثلاث الإقليميّة العُظمى، إيران وتركيا والعراق إلى جانب سورية بالطّبع.
تصويت البرلمان العراقي اليوم (الثلاثاء) في جلسةٍ اعتياديّةٍ على قرارٍ بتَجريم كُل من يَرفع علم إسرائيل في الأوساط الجماهيريّة العراقيّة يأتي تصحيحًا لخطأ مُعيب، وتكريسًا لبِدء مرحلةٍ جديدةٍ ونهاية أُخرى تنتهي، تدريجيًّا، وربّما جذريًا، أو هكذا نأمل، هذهِ العلاقة الاستفزازيّة بين إقليم كُردستان ودولة الاحتلال الإسرائيلي العُنصريّة الباغية.
إنّه قرارٌ شجاعٌ بكُل ما تَعنيه هذهِ الكلمة من مَعنى، وضع حدًّا لظاهرة أساءت بل وأهانت مشاعر العَرب والمُسلمين، وإلى الأكراد أنفسهم، أكثر ممّا أساءت للعَرب والمُسلمين والتركمان والإيرانيين، بغَض النّظر عن دِياناتِهم ومَذاهِبهم.
رَفع أعلام دولة الاحتلال الإسرائيلي، وتَواجد مِئات من الإسرائيليين في أربيل في شمال العِراق يَرقصون فرحًا باستفتاء الانفصال كان مشروع فِتنة، لأن “الموساد” الإسرائيلي الذي تَغلغل في المِنطقة لا يُحب الأكراد، سواء كقوميّة أو كدين، لأنه لا يَثق بأي مُسلم، ويُريد استخدامهم كأدواتٍ ضِد العَرب والإيرانيين والأتراك، وبِما يَخدم مَصالحه في تَفتيت المِنطقة وإشعال الحُروب فيها.
أسعدنا في هذهِ الصحيفة “رأي اليوم” وجودَ بوادرِ صَحوةٍ قويّةٍ في أوساط الأشقاء الأكراد في اليومين الماضيين، تمثّلت في مُعارضة شُبّان رَفع العَلم الإسرائيلي في أحد ميادين أربيل، والطّلب ممّن يَرفعون هذهِ الأعلام الانسحاب بهُدوء، وعندما اعترضت القِلّة منهم قام الشبّان بنَزع الأعلام الإسرائيليّة منهم بالقوّة، وجَرى تسجيل هذا المَوقف المُشرّف على أشرطةٍ ازدحمت بها وسائط التّواصل الاجتماعي.
إسرائيل التي دَعمت الانفصال، مِثلما سلّحت البِشمرغة الكُرديّة، ودرّبتها لمُحاربة الحُكومات المركزيّة العراقيّة على مَر العُصور واستنزافها، تخلّت عن الأكراد، وعن السيد البرزاني عندما واجهوا ظُروفًا صعبةً واحتاجوا لِدَعمِها، وهذا ليس غريبًا أو مُفاجِئًا بالنّسبة إلينا، ألم تتخلّ عن جيش سعد حداد، وأنطوان لحد، في جَنوب لبنان، وروابط القُرى في فِلسطين.
نحن على ثقةٍ أن الأشقاء الأكراد، أو غالبيّتهم، يَرفضون إقامة علاقة تحالفيّة مع عدو يَحتل المسجد الأقصى، ويُمارس كُل أشكال العُنصريّة ضِد شعب، مُسلم حُرِمَ من حقّه في تقرير المَصير وإقامة دولته المُستقلّة مِثلهم تمامًا، مِثلما نحن على ثقةٍ أيضًا، أن صفحةً جديدةً سَتبدأ بينهم وحُكومتهم المركزيّة الاتحاديّة في بغداد تُثبّت حقّهم في الشّراكةِ والتّعايش، والحُكم الذّاتي الكامل الصّلاحيات، كخُطوةٍ رئيسيّةٍ على طريقِ تقرير المَصير في إطارِ اتّفاقٍ إقليميٍّ ودَوليٍّ شامِل.
“رأي اليوم”