خطوتان “رجوليتان” و”شجاعتان” اتخذهما رئيس الفلبين ونظيره الجنوب الافريقي يستحقان التوقف عندهما بإعجاب كعرب.. قطع الاول علاقته مع أمريكا كليا.. وانسحاب الثاني من محكمة الجنايات الدولية.. من اين يستمدان القوة؟ ولماذا لم يفعلها نظراؤهما العرب؟ اليكم الإجاب

اثنين, 2016-10-24 02:48

ما زالت هناك حكومات محترمة في العالم تقول “لا” للطغيان الغربي، وهيمنته على منظمات الأمم المتحدة وهيئاتها الدولية.. وما زال هناك زعماء يديرون الظهر للولايات المتحدة الامريكية في وضح النهار ويرفضون غطرستها.. العالم ما زال بخير.. وهناك بوادر للتمرد على الظلم والتبعية تتسع دائرته ويبشر بثورة عالمية لاعادة العدالة الى هذا العالم، وإلغاء العولمة التي تستند الى الاستغلال، وتفتقد الى معظم قيم الإنسانية.
خطوتان جرى اتخاذهما في اليومين الماضيين تؤكدان كل ما سبق، وتبعثان الامل في التغيير على مستوى العالم:
الأولى: اعلان الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيري الانفصال التام عن الولايات المتحدة وإلغاء تبعيته لها، وانهاء معاهدة الدفاع المشترك معها اثناء لقائه مع الرئيس الصيني شي جي بينغ على هامش مؤتمر اقتصادي، وتأجيله النزاع البحري مع بكين لمصلحة إعطاء الأولوية للتعاون الاقتصادي.
الثانية: اعلان دولة جنوب افريقيا انسحابها من المحكمة الجنائية الدولية احتجاجا على مطالبتها لها باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير اثناء زيارته لها قبل عام للمشاركة في مؤتمر قمة الاتحاد الافريقي، وتوجيه انتقادات عنيفة لها في هذا الصدد، وتصبح بذلك اول دولة تنسحب من هذه المنظمة الدولية العنصرية التي باتت تتخصص في مطاردة الزعماء الافارقة بتهم جرائم حرب، ومن المتوقع ان تكون دولة بروندي الثانية.
الرئيس الفلبيني “طفح كيله” من الاهانات الامريكية، وتدخل الإدارات الامريكية في شؤون بلاده الداخلية، والتعاطي معها بنزعة فوقية، فقرر البحث عن البديل في محيطه، أي الصين وروسيا، القوتين العظميين الصاعدتين، ولم يخشى مطلقا أي رد انتقامي امريكي، ومن المفارقة ان معاهدة الدفاع المشترك بين الولايات المتحدة والفلبين، كانت تنص على إعطاء قواعد عسكرية للاولى، أمريكا، وزيادة عدد قواتها لمواجهة التوسع الصيني، وكأن الرئيس الفلبيني يقول “داوني بالتي كانت هي الداء”، أي المصالحة مع الصين والتحالف معها للتخلص من أساليب “الابتزاز″ الأمريكي.
جنوب افريقيا دولة عظمى في القارة الافريقية، وترفض ان تتعرض لاهانات من محكمة عدل دولية تفتقر الى العدل، وتتبنى اجندات عنصرية، وتخضع للولايات المتحدة وحلف الناتو خضوعا كاملا.
من المفارقة ان الولايات المتحدة التي لم تنضم الى معاهدة روما التي أسست هذه المحكمة، عبرت عن قلقها من انسحاب جنوب افريقيا، وقال المتحدث باسم وزير خارجيتها جون كيربي “نحن قلقون” وطلب من حكومة جنوب افريقيا التراجع عن قرارها.
طيب.. اذا كانت هذه المنظمة، أي محكمة الجنايات الدولية، على هذه الدرجة من الأهمية وتحقق العدل فعلا، وتقوم على النزاهة، لماذا لا تنضم اليها الولايات المتحدة؟ ام انها خائفة، وهي التي تعتبر اكبر دولة في العالم ارتكابا لجرائم الحرب، ان يكون زعماؤها اول الملاحقين للمثول امامها.
قوة الرئيس الفلبيني ونظيره الجنوب افريقي التي تؤهلهما للاقدام على هذه الخطوات الشجاعة والأخلاقية تنبع من كونهما رئيسين منتخبين في انتخابات نزيهة حرة، ويتعرضان للمحاسبة من برلماني بلديهما، ويحظيان بدعم شعبي كبير، والاهم من كل ذلك ان محيطهما الافريقي والآسيوي يقدم لهما الدعم والمساندة.
هل فهمتم لماذا يرضخ معظم زعمائنا للاوامر الامريكية ويرتعدون خوفا من أي انتقاد لهم، وينفذون كل الاملاءات دون أي نقاش؟ وهل اقتنعتم لماذا تستهدف الحروب واعمال التفكيك لدولنا وشعوبنا ووحداتنا الديموغرافية والجغرافية الدول التي تحدت الولايات المتحدة وغطرستها ودعمها للكيان الإسرائيلي؟
شكرا لرئيس الفلبين.. والشكر موصول أيضا لنظيره الجنوب افريقي على هذه المواقف الرجولية التي تقول “لا” كبيرة لكل أنواع الهيمنة والعنصرية الامريكية الفاجرة.
عندما يمثل امام محكمة الجنايات الدولية مجرمو الحرب من الأمريكيين والإسرائيليين في هذه الحالة سننتصر لها، وندين كل من يرفض الامتثال لقوانينها وتشريعاتها، اما قبل ذلك فـ”لا” اكبر من الولايات المتحدة نفسها، ومعها منظمة الأمم المتحدة.
“راي اليوم”