صراع النفس الأخير لرسم خريطة للتوازنات في الشرق الأوسط... التاريخ سيسجل أن ملحمة غزة شكلت محورا كبيرا في حسم مصير الامبراطورية

خميس, 2025-09-25 01:13

العديد من الكائنات الحية تقدم عندما تدنوا من مرحلة الانحدار أو الأفول على ارتكاب ما يعتبر حماقات أو انتحارا وهي تتوهم أن ذلك يمكن أن ينقذها ولكن في أغلب الأحيان يؤدي هذا السلوك إلى الإسراع بوصولها بعد تحمل آلام كبيرة إلى خاتمتها. كائنات أخرى وعندما تدرك أنها في مرحلة الإنحدار بعد الوصول إلى قمة قوتها تنسحب بهدوء وتتراجع فتكون نهايتا أقل إيلاما. هذا واقع سلوكي يتخطى تلك الكائنات وينطبق على القوى الكبرى والامبراطوريات وحتى على الكثير من الدول.

حرب الابادة على قطاع غزة التي دخلت الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 يومها 719 متواصلة رغم استشهاد أكثر من 64 ألف فلسطيني غالبيتهم العظمى من الأطفال والنساء والشيوخ، وتل أبيب مصرة على مواصلة القتل رغم فشلها الواضح بعد زهاء سنتين من القتال في تصفية المقاومة الفلسطينية عسكريا بدعم مطلق من واشنطن التي استخدمت يوم الخميس 18 سبتمبر 2025 سلطة الفيتو للمرة السادسة خلال عامين لمنع تبني مجلس الأمن قرارا يطالب بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة ويطالب إسرائيل برفع جميع القيود المفروضة على إيصال المساعدات إلى القطاع الفلسطيني. وإمعانا في دعم الجرائم الإسرائيلية وتحدي الرأي العام الدولي أعلن البيت الأبيض يوم الجمعة 19 سبتمبر 2025 عن صفقة أسلحة جديدة بمبلغ 6400 مليون دولار للكيان الصهيوني.

اعتراف بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال بدولة فلسطينية يوم الأحد 21 سبتمبر، والذي ستحذو حذوه دول غربية أخرى مثل فرنسا وإسبانيا خلال أيام في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك رغم ما قد يعتبره البعض رمزيا يشكل تحديا لواشنطن ومؤشرا على تراجع نفوذ ما كان يصنف كالقطب الأحادي في النظام العالمي الذي فرض على العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في تسعينيات القرن العشرين.    

وتعارض الولايات المتحدة بشدة أي خطوة من حلفائها الأوروبيين للاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة. وردت بفرض عقوبات على مسؤولين فلسطينيين، شملت رفض وإلغاء تأشيرات دخول.

مطالبة الرئيس الأمريكي بإستعادة قاعدة باغرام العسكرية في أفغانستان وضم كندا والاستحواذ على جزيرة غرينلاند الدانماركية وقناة بنما والمرور مجانا عبر قناة السويس المصرية، وإستخدامه سلاح التعريفات الجمركية والعقوبات الاقتصادية حتى ضد من يصنفون كحلفاء للولايات المتحدة الأمريكية، وضد كل من يتاجر أو يتعامل اقتصادية مع روسيا وإيران وكوريا الشمالية وغيرهم، يعتبر في نظر غالبية المحللين مؤشرا على تخبط المتحكمين في مقاليد السلطة في البيت الأبيض ودليلا على بداية أفول ما يوصف بالامبراطورية الأمريكية. 

يركز بول كينيدي المؤرخ البريطاني في كتابيه الذي ترجم إلى 23 لغة عن صعود وسقوط القوى العظمى على فكرة أن هيمنة القوى العظمى تعتمد بشكل كبير على قدرتها على موازنة قوتها الاقتصادية مع طموحاتها العسكرية والاستراتيجية، وأن التوسع الإمبراطوري المفرط، الذي يفوق القدرات الاقتصادية، هو سبب أساسي لانهيار هذه القوى. يرى كينيدي أن هذا التفاعل بين الاقتصاد والاستراتيجية هو المحرك الرئيسي للتاريخ، وأن الدول التي تفشل في تحقيق هذا التوازن تتعرض للتدهور النسبي وتفقد نفوذها العالمي.

كتب كريس هيدجيز مدير مكتب الشرق الأوسط في صحيفة نيويورك تايمز سابقا يوم الجمعة 20 أغسطس 2021 تحت عنوان سقوط كابل وآلة الانتحار الجماعية للإمبراطورية الأمريكية: 

الهزيمة الأمريكية في أفغانستان، التي انتهت إلى فوضى بسرعة البرق وعودة طالبان إلى السلطة، هي علامة أخرى على نهاية الإمبراطورية الأمريكية. عقدان من القتال، تريليون دولار أنفقناه، إرسال 100 ألف جندي لإخضاع أفغانستان، والمعدات عالية التقنية، والذكاء الاصطناعي، والحرب الإلكترونية، و طائرات "ريبر" بدون طيار مدججة بصواريخ "هيل فاير" وقنابل GBU-3وطائرات "جلوبال هاك" بدون طيار التي تحمل كاميرات عالية الدقة، قيادة العمليات الخاصة المكونة من حراس النخبة، القوات الجوية ومقاتلي النخبة والقوات الخاصة، التعذيب، المراقبة الإلكترونية، الأقمار الصناعية، الطائرات الهجومية، جيوش المرتزقة، ضخ ملايين الدولارات لشراء ورشوة النخب المحلية وتدريب جيش أفغاني قوامه 350 ألف جندي، لم يظهر أبدا إرادة القتال، وفشل في هزيمة جيش جماعة مسلحة قوامها 60 ألف جندي، قامت بتمويل نفسها في واحدة من أفقر البلدان على وجه الأرض.

ومثل أية إمبراطورية في مرحلة انهيارها النهائية، لن يتحمل أي شخص المسؤولية عن هذه الكارثة أو الكوارث الأخرى في العراق أو سوريا أو ليبيا أو الصومال أو اليمن أو أي مكان آخر، لا الجنرالات، لا السياسيون، لا وكالة المخابرات المركزية ووكالات الاستخبارات ولا الدبلوماسيون، لا رجال الحاشية الأذلاء في الصحافة الذين يخدمون كمشجعين للحرب، لا الأكاديميون والمتخصصون ولا رجال صناعة الأسلحة. الإمبراطوريات في النهاية هي آلات انتحار جماعي. يصبح الجيش في الإمبراطورية في مراحلها المتأخرة غير خاضع للتوجيه، وغير خاضع للمساءلة، ومستديما ذاتيا إلى ما لا نهاية، بغض النظر عن عدد الأخطاء، الأخطاء الفادحة والهزائم التي يضعها على جثة الأمة، أو مقدار الأموال التي ينهبها، مما يؤدي إلى إفقار المواطنين تاركا المؤسسات الحاكمة والبنية التحتية المادية تتدهور.

وفي 30 أغسطس 2025 كتب كريس هيدجيز: إن تدمير إسرائيل غزة لا يتعلق فقط بالتطهير العرقي، بل بمحو شعب وثقافة وتاريخ يكشف الأكاذيب التي استخدمت لتبرير قيام الدولة الإسرائيلية.

إنكار الحقيقة التاريخية يسمح للإسرائيليين بالعيش في دور الضحية الأبدية. لكن مواجهة هذه الأكاذيب تهدد بأزمة وجودية. ولهذا يفضل معظمهم وهم الراحة على الحقيقة المؤلمة.

المجتمعات التي تمحى ذاكرتها تتحجر. تَشن حربا على الحقيقة. تكرر الأكاذيب بلا نهاية. لأن الحقيقة، متى ما وجدت، لا تمحى. 

إسرائيل لا تدمر غزة فقط، إنها تدمر نفسها أيضا.

ما يقارب من 70 إمبراطورية خلال الأربعة آلاف سنة الماضية، بما في ذلك الإمبراطوريات اليونانية والرومانية والصينية والعثمانية وإمبراطورية هابسبورغ والإمبراطورية الألمانية والإمبراطورية اليابانية والبريطانية والفرنسية والهولندية والبرتغالية والسوفيتية، انهارت في ذات العربدة العسكرية الحمقاء. استمرت الجمهورية الرومانية، في أوجها، لمدة قرنين فقط. نحن كإمبراطورية أمريكية عازمون على التفكك في نفس الوقت تقريبا. لهذا السبب، في بداية الحرب العالمية الأولى في ألمانيا، أطلق المنظر الشيوعي كارل ليبكنخت على الجيش الألماني، الذي سجنه ثم اغتاله فيما بعد، "العدو من الداخل".

كتب مارك توين الذي عاش في القرن الـ19، الذي كان معارضا شرسا لجهود زرع بذور الإمبراطورية في كوبا والفلبين وغوام وهاواي وبورتوريكو، تاريخا متخيلا لأمريكا في القرن العشرين حيث دمرت "شهوتها للغزو" الجمهورية العظيمة، لأن "الدوس على الضعفاء في الخارج علمها، من خلال عملية طبيعية، أن تتحمل بلامبالاة ما شابه ذلك في الدخل، فالجموع الذين صفقوا لسحق حريات الآخرين في الخارج، عاشوا ليتألموا من خطيئتهم هذه في الداخل".

المؤرخ البريطاني الشهير أرنولد توينبي الذي يضعه المؤرخون بمنزلة كارل ماركس الذي تنبأ بالثورات الشيوعية واهتزاز الأنظمة الرأسمالية وبالحربين العالميتين الأولى والثانية. تنبأ أيضا بنهاية دولة إسرائيل إن عاجلا او آجلا. وفي سياق قراءته للحضارات يقول توينبي عبارة تقشعر لها أجسام الامبراطوريات الصلفة فيقول: ان الحضارات تنتحر ولا تموت قتلا والدول التي تعيش زمنا امبراطوريا لا يقتلها عدو، بل تتصرف بطريقة انتحارية فلا تجد نفسها إلا وقد قتلت نفسها.

بعض قصص التاريخ وحكاياته وعباراته ستبقى تجلجل وتومض رغم صخب المستقبل وضجيج الحاضر وجلجلة الحضارات ولا تختفي تحت ركام الزمن والأيام.

 

تبدل التحالفات

 

يوم الاربعاء 17 سبتمبر 2025 حسب وكالة رويترز وقعت السعودية وباكستان اتفاقية دفاع مشترك رسمية في خطوة تعزز بشدة شراكة أمنية قائمة منذ عقود في ظل تنامي التوتر بالمنطقة.

جاء هذا التعزيز للعلاقات الدفاعية في وقت يتزايد فيه قلق دول الخليج العربية إزاء مدى إمكان الوثوق في الولايات المتحدة ضامنا أمنيا طويل الأمد لها. وزاد الهجوم الإسرائيلي على قطر يوم 9 سبتمبر من هذه المخاوف.

وقال مسؤول سعودي كبير لرويترز ردا على سؤال عن توقيت الاتفاقية مع باكستان التي تملك سلاحا نوويا “هذه الاتفاقية تتويج لمناقشات استمرت سنوات، إنها ليست ردا على دول أو أحداث محددة، وإنما هي إضفاء طابع مؤسسي على تعاون طويل الأمد وعميق بين بلدينا”.

وقد تغير هذه الاتفاقية الحسابات الاستراتيجية في منطقة تشهد وضعا معقدا. فقد سعت دول خليجية حليفة لواشنطن إلى استقرار العلاقات مع كل من إيران وإسرائيل لمعالجة المخاوف الأمنية القائمة منذ فترة طويلة.

لكن حرب غزة أحدثت هزة في الأوضاع بالمنطقة، وتعرضت قطر لضربات مباشرة مرتين خلال عام، مرة من إيران وأخرى من إسرائيل.

وأقر المسؤول السعودي الكبير، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، بضرورة التوازن في العلاقات مع الهند منافسة باكستان، وهي أيضا قوة نووية.

وقال “علاقتنا مع الهند أقوى من أي وقت مضى، سنواصل تنمية هذه العلاقة ونسعى للمساهمة في السلام بالمنطقة بكل السبل الممكنة”.

وعندما سئل عما إذا كانت باكستان ستكون ملزمة بتزويد السعودية بمظلة نووية بموجب الاتفاقية، قال المسؤول “هذه اتفاقية دفاعية شاملة تشمل جميع الوسائل العسكرية”.

وعرض التلفزيون الباكستاني لقطات لرئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وهما يتعانقان بعد توقيع الاتفاقية وحضر التوقيع قائد الجيش الباكستاني الفيلد مارشال عاصم منير الذي يعد أقوى شخصيةعسكرية في باكستان.

 

موازين القوى العالمية

 

لا يمكن قراءة التحالف الجديد فقط في سياق التعاون الثنائي، بل يفهم ضمن مشهد أوسع من إعادة التموضع الإستراتيجي، حيث تتقاطع فيه حسابات الردع النووي، وتوازنات القوى في جنوب آسيا، وتنامي الحضور الصيني عبر حلفائها.

كما لا يمكن قراءة هذا التحالف كاتفاق ثنائي عابر، بل ضمن مسار طويل من العلاقات المتشابكة بين البلدين التي شهدت مراحل من التقارب والفتور والتوتر، ويعكس التحالف الجديد إدراك الطرفين لتغير موازين القوى عالميا، ولبروز أطراف جديدة مثل الصين، بما يعزز الحاجة لشراكات إستراتيجية أوسع تتجاوز المألوف.

جاء في تقرير نشرته شبكة الب بي سي البريطانية يوم 17 سبتمبر:

أثار الإعلان عن اتفاقية الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان ضجة كبرى، نظراً للعديد من الأسباب بحسب المراقبين الذين رأى بعضهم أن هذه الاتفاقية الاستراتيجية يمكن أن تؤرخ لتحول كبير في ميزان القوى الإقليمية، وأن من شأنها كذلك أن تقلب حسابات إسرائيل الاستراتيجية رأسا على عقب، فما القصة؟

يرى بعض المراقبين أن توقيع الاتفاقية هو، أول قرار دفاعي قوي تتخذه دولة خليجية، بعد هجوم إسرائيل على قطر في التاسع من سبتمبر.

وأدى الهجوم الإسرائيلي إلى تأجيج مخاوف خليجية تتعلق بمدى التزام الولايات المتحدة بالدفاع عنها، لا سيما ضد التصرفات الإسرائيلية التي أظهرت واشنطن عدم قدرة على التنبؤ بها.

ورأت الباحثة فيلينا تشاكاروفا، مديرة المعهد النمساوي لأوروبا والسياسة الأمنية، أن اتفاقية الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان تمثل "تطورا جيوسياسيا مفاجئا وصادما"، مفاده أن الرياض لم تعد تكتفي بـ"المظلة النووية الأمريكية" وحدها.

وقالت تشاكاروفا، على منصة إكس، إن الشرق الأوسط وجنوبي آسيا يدخلان عبر هذه الاتفاقية "واقعا جيوسياسيا جديدا".

ورأت صحيفة الإيكونوميست أن دول الخليج العربي تبحث الآن عن ضامن ليس فقط لالتزام إسرائيل بعدم تكرار مثل هذه الضربة ضد قطر أو غيرها، وإنما عن ضمانات أمنية أكبر وأكثر موثوقية وأطول أمدا.

ويرى مراقبون أن الاتفاقية الجديدة يمكن أن تؤرخ لتحول كبير في ميزان القوى الإقليمية، وأن من شأنها كذلك أن تقلبَ حسابات إسرائيل الاستراتيجية رأسا على عقب.

وبموجب هذه الاتفاقية، يمكن لباكستان أن تنشر صواريخها أو أيا من أسلحتها دون استثناء على التراب السعودي.

وتغطّي كلمة "استراتيجية"، الواردة في وصف اتفاقية الدفاع المشتركة الجديدة بين السعودية وباكستان، استخدام الصواريخ والسلاح النووي، بحسب ما أوضح الباحث حسين حقاني، زميل معهد هدسون.

ولفت حقاني، على منصة إكس، إلى أن باكستان عادة ما تستخدم وصف "استراتيجي" للتعبير عن برامجها الصاروخية والنووية.

يذكَر أن باكستان هي الدولة الوحيدة ذات الغالبية المسلمة التي تمتلك أسلحة نووية، مع ترسانة تتجاوز 170 رأسا نووية، وأنظمة إطلاق متنوعة، وفقا لموقع الدفاع العربي.

في المقابل، أعلنت السعودية أنها تدرس زيادة استثماراتها في باكستان لتصل إلى 25 مليار دولار في قطاعات مختلفة كما يبحث الصندوق السعودي للتنمية زيادة مبلغ الوديعة المقدمة للبنك المركزي الباكستاني لتصل إلى ملياري دولار قبل موعد تمديدها، فضلا عن استثمارات سعودية أخرى بمليارات الدولارات في مجال المعادن والمشتقات النفطية بباكستان، وفقا لوكالة بلومبرغ.

ويمكن لاتفاقية الدفاع المشترك بين السعودية وباكستان أن تشكل "نواة لمعاهدة يمكن تنضم إليها دول أخرى في المنطقة لاحقا"، وفقا لما يقوله طلحة عبد الرزاق، الباحث في قضايا الأمن في الشرق الأوسط بجامعة إكستر.

وفي منشور على منصة إكس، رأى عبد الرزاق في ذلك رسالة مفادها أن "الضمانات الأمنية الأمريكية لم تعد تؤخذ بجدية، وأن دول الخليج العربي بسبيل تنويع اتفاقاتها الأمنية في عالم يسير نحو تعدد الأقطاب بوتيرة متسارعة".

 

العزلة

 

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب في قطاع غزة، يوم الاثنين 15 سبتمبر 2025 إن إسرائيل دخلت حالة من العزلة بسبب الحرب، داعيا إلى مواجهة هذا الأمر. ونقلت القناة الـ12 الإسرائيلية عن نتنياهو قوله إن "إسرائيل تدخل بسبب الحرب حالة من العزلة، ويجب أن نواجه ذلك". وأضاف "قد نجد أنفسنا في وضع بأن هناك عراقيل أمام اقتصادنا الدولي، وأن صناعاتنا العسكرية محظورة في العالم". ونقلت قناة "كان" الإسرائيلية عن نتنياهو قوله إن قطر والصين دولتان تفرضان علينا حصارا في مجال الشرعية والإعلام الجديد. 

اعترافات نتنياهو فجرت قلقا في أسواق إسرائيل حيث شهدت بورصة تل أبيب يوم 15 سبتمبر هزة قوية ستجبرها على تبني اقتصاد "ذي سمات أوتاركية"، أي اقتصاد مغلق يعتمد على الذات في مواجهة عزلة عن الأسواق العالمية.

ووصفت صحيفة كالكاليست الاقتصادية الإسرائيلية الأجواء في الأسواق بـ"السوداوية". وامتدت التداعيات إلى قطاعات أخرى، إذ خسر سهم "نيو ميد إنرجي" 4 في المئة، في حين سقطت أسهم "ألومة إنفراستركشر" بنسبة 12 في المئة بعد إعلان شركة "بيزك" إلغاء صفقة شراء، وهو ما وصفته كالكاليست بأنه دليل على "تآكل الثقة بالاقتصاد الإسرائيلي".

هذه الانهيارات لم تكن مجرد تقلبات لحظية، بل عكست -حسب خبراء- "حالة فقدان اتجاه" تضرب الاقتصاد تحت وطأة العزلة الدولية وتضييق الأسواق العالمية. وحاول نتنياهو تبرير الانهيار بإلقاء اللوم على "الأقليات المسلمة في أوروبا" التي تضغط على حكوماتها لاتخاذ مواقف أكثر صرامة ضد إسرائيل، قائلا: "هذا يخلق سلبيا كثيرا من العقوبات والقيود على إسرائيل ويقيد قدرتنا على استيراد قطع غيار للأسلحة". لكن منتقديه يرون أن السبب الحقيقي يكمن في السياسات الحكومية الفاشلة وإدارة الحرب التي أدت إلى تعميق العزلة.

وكان قطاع التكنولوجيا الأكثر حدة في انتقاداته، إذ أصدر "منتدى الهايتك من أجل إسرائيل" بيانا قال فيه إن "الهايتك، محرك النمو المركزي للاقتصاد، يعتمد على الأسواق الدولية وثقة المستثمرين الأجانب. الانغلاق الحالي يهدد ميزتنا التكنولوجية والعسكرية، وبدلا من ضمان الاستقرار، تنحدر إسرائيل إلى واقع خطير من العزلة وفقدان القدرة على المنافسة"، متسائلا بلهجة ساخرة: "هل هذا هو حلم نتنياهو؟ أن نعود لنبيع البرتقال؟".

وحسب كالكاليست، فإن الأرقام تكشف بوضوح أن الاقتصاد الإسرائيلي يتجه نحو مأزق تاريخي، مع عجز مالي متضخم يتجاوز 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتهاوي ثقة المستثمرين المحليين والدوليين.

وبينما يحاول نتنياهو إقناع الرأي العام بضرورة "الأوتاركية الاقتصادية"، يرى محللون أن هذا النهج يعكس عجزا عن مواجهة الواقع، ويضع إسرائيل على مسار انكماش اقتصادي طويل الأمد قد يقود إلى انهيار قطاعات أساسية، وفي مقدمتها الصناعات الدفاعية والتكنولوجية.

 

حرب متجددة ضد إيران

 

جاء في تقرير نشره موقع "فورين بوليسي" الأمريكي يوم 17 أغسطس 2025:

من المرجح أن تشن إسرائيل حربا أخرى على إيران قبل شهر ديسمبر 2025. تتوقع إيران هذه الهجوم وتستعد له. لعبت إسرائيل لعبة طويلة الأمد في الحرب الأولى، حيث كانت تشن هجمات صاروخية بما يتوافق مع توقعاتها لصراع طويل الأمد. ولكن في الجولة المقبلة، من المرجح أن تضرب إيران بقوة منذ البداية، بهدف تبديد أي حلم لخضوعها للهيمنة العسكرية الإسرائيلية. ونتيجة لذلك، فمن المرجح أن تكون الحرب المقبلة أكثر دموية من الحرب الأولى. إذا خضع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للضغوط الإسرائيلية من جديد وانضم إلى الحرب، فقد تواجه الولايات المتحدة حربا شاملة مع إيران، حربا ستجعل من حرب العراق تبدو سهلة بالمقارنة.

لم تكن حرب إسرائيل في يونيو قط متعلقة بالبرنامج النووي الإيراني فحسب، ولكنها متعلقة بتغيير موازين القوى في الشرق الأوسط، حيث تشكل القدرات النووية الإيرانية عاملا مهما ولكن ليس حاسما.

دفعت إسرائيل الولايات المتحدة منذ أكثر من عقدين من الزمن إلى القيام بعمل عسكري ضد إيران بهدف إضعافها واستعادة التوازن الإقليمي الملائم لها، وهو التوازن الذي لا تستطيع إسرائيل تحقيقه وحدها.

وفي هذا السياق، هدفت الضربات الإسرائيلية إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسة إلى جانب إضعاف البنية التحتية النووية الإيرانية. لقد سعت إسرائيل إلى جر الولايات المتحدة إلى صراع عسكري مباشر مع إيران، وقطع رأس النظام الإيراني، وتحويل البلاد إلى سوريا أو لبنان أخرى، وهي بلدان تستطيع إسرائيل قصفهما دون عقاب ودون أي تدخل أمريكي. تحقق هدف واحد فقط من الأهداف الثلاثة. كما أن ترامب لم يمحو البرنامج النووي الإيراني، ولم يؤخر إلى نقطة تعد فيها القضية منتهية.

وبعبارة أخرى، حققت إسرائيل من خلال هجماتها في يونيو 2025  نصرا جزئيا في أفضل الأحوال. وكانت النتيجة المفضلة لدى ترامب هي التدخل الكامل، واستهداف القوات التقليدية الإيرانية والبنية التحتية الاقتصادية. ولكن في حين يفضل ترامب العمل العسكري السريع والحاسم، فإنه يخشى اندلاع حرب واسعة النطاق. ولقد كانت إستراتيجيته في مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية تهدف إلى الحد من التصعيد وليس توسيعه. على المدى القريب، نجح ترامب —وهو ما أثار استياء إسرائيل— ولكن على المدى الطويل، سمح لإسرائيل باحتجازه في دائرة تصعيدية.

وكان رفضه التصعيد إلى ما هو أبعد من حملة القصف المحدودة أحد الأسباب الرئيسة وراء موافقة إسرائيل على وقف إطلاق النار. ومع استمرار الحرب، تكبدت إسرائيل خسائر فادحة: فقد تدهورت دفاعاتها الجوية، وأصبحت إيران أكثر فعالية في اختراقها بصواريخها. ورغم أن إسرائيل كانت على الأرجح ستواصل الصراع لو كانت الولايات المتحدة ملتزمة بالكامل، فإن الحسابات تغيرت عندما أصبح من الواضح أن ضربات ترامب كانت لمرة واحدة. لقد نجحت إسرائيل في جر ترامب والولايات المتحدة إلى الحرب، ولكنها فشلت في إبقائهما هناك.

ولكن الهدفين الآخرين اللذين وضعتهما إسرائيل كانا بمثابة فشل واضح. وعلى الرغم من النجاحات الاستخباراتية المبكرة، مثل قتل 30 من كبار القادة و19 عالما نوويا، فإنها لم تتمكن إلّا من تعطيل القيادة والسيطرة الإيرانية مؤقتا. وفي غضون 18 ساعة، نجحت إيران في استبدال معظم هؤلاء القادة، إن لم يكن كلهم، وأطلقت وابلا كثيفا من الصواريخ، مما أظهر قدرتها على امتصاص خسائر كبيرة وشن هجوم مضاد شرس.

وكانت إسرائيل تأمل أن تؤدي ضرباتها الأولية إلى إثارة الذعر داخل النظام الإيراني وتسريع انهياره. وبحسب صحيفة واشنطن بوست، فإن عملاء الموساد، الذين يتحدثون الفارسية بطلاقة، اتصلوا بمسؤولين إيرانيين كبار على هواتفهم المحمولة، وهددوا بقتلهم وأسرهم ما لم يصوروا مقاطع فيديو تدين النظام وتنشق عنه علنا. وقد أُجريت أكثر من عشرين مكالمة من هذا القبيل في الساعات الأولى من الحرب، عندما كانت النخبة الحاكمة في إيران ما تزال في حالة صدمة وتعاني من خسائر فادحة. ولكن لا يوجد دليل على أن أي جنرال إيراني استسلم للتهديدات، وظل تماسك النظام قويا.

 

فشل مضاعف

 

وعلى عكس توقعات إسرائيل، لم يؤدِ مقتل كبار القادة في الحرس الثوري الإسلامي إلى احتجاجات جماهيرية أو انتفاضة ضد الجمهورية الإسلامية. بل، على العكس، احتشد الإيرانيون من كافة التوجهات السياسية حول علم بلادهم، إن لم يكن حول النظام نفسه، في الوقت الذي اجتاحت فيه موجة القومية أنحاء البلاد. ولم يكن بوسع إسرائيل أن تستغل عدم شعبية النظام الإيراني على نطاق واسع. فبعد مرور ما يقرب من عامين على ارتكاب الفظائع في قطاع غزة وشن هجومٍ خادع على إيران وسط المفاوضات النووية، لا ينظر إلى إسرائيل نظرة إيجابية إلا من جزء صغير من الإيرانيين، معظمهم في الشتات.

في الواقع، نجحت إسرائيل في إعطاء حياة جديدة لسردية الجمهورية الإسلامية، بدلًا من تعبئة السكان ضدها. وبدلا من إدانة النظام لاستثماره في برنامج نووي، والصواريخ، وشبكة من الجهات الفاعلة غير الحكومية المتحالفة معه، يشعر العديد من الإيرانيين الآن بالغضب لأن هذه العناصر من الردع الإيراني أثبتت عدم كفايتها. «كنت من بين الذين هتفوا خلال الاحتجاجات بعدم إرسال الأموال الإيرانية إلى لبنان أو فلسطين. ولكنني الآن أفهم أن القنابل التي نواجهها جميعا هي واحدة، وإذا لم تكن لدينا دفاعات قوية في جميع أنحاء المنطقة، فإن الحرب ستأتي إلينا»، هذا ما قاله فنان في طهران لنرغِس باجوغلي، الأستاذة في جامعة جونز هوبكنز.

كما فشلت إسرائيل في تحويل إيران إلى سوريا ثانية وتأسيس هيمنة جوية مستدامة مستقلة عن الدعم الأمريكي. ورغم أن إسرائيل سيطرت على المجال الجوي الإيراني في أثناء الحرب، إلا أنها لم تتصرف دون عقاب، إذ ألحق الرد الصاروخي الإيراني أضرارا لا يمكن تحملها. ولولا المساعدات الأمريكية الكبيرة —بما في ذلك استخدام 25 في المئة من أنظمة اعتراض الصواريخ الأمريكية من طراز «ثاد» في غضون اثني عشر يوما فقط— ربما لم تكن إسرائيل قادرة على مواصلة الحرب. هذا يجعل شن هجوم إسرائيلي جديد بمشاركة أمريكية أمرا مرجحا. وقد أشار إلى ذلك كل من وزير الدفاع إسرائيل كاتس ورئيس الأركان إيال زامير. وكانت حرب يونيو مجرد المرحلة الأولى، بحسب زامير، الذي أضاف أن إسرائيل «تدخل الآن فصلًا جديدا» من الصراع.

وفي حين انتهت حرب يونيو على نحوٍ غير حاسم، فإن نتيجة الحرب القادمة ستتوقف على أي جانب يتعلم أكثر ويتحرك بصورةٍ أسرع: فهل تستطيع إسرائيل تجديد صواريخها الاعتراضية أسرع مما تستطيع إيران إعادة بناء منصات إطلاقها وتجديد ترسانتها الصاروخية؟ هل لا يزال للموساد حضور عميق داخل إيران، أم أن معظم أصوله أنفقت في مسعى إسقاط النظام خلال الحرب الأولى؟ هل اكتسبت إيران قدرة أكبر على اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية مقارنة بقدرة إسرائيل على سد ثغراتها؟ في الوقت الراهن، لا يستطيع أي من الطرفين الإجابة على هذه الأسئلة بثقة.

وربما يكون رد ترامب على الحرب الإسرائيلية الثانية مع إيران حاسما. ويبدو أنه غير راغب في الدخول في صراع طويل الأمد. ومن الناحية السياسية، أدت ضرباته الأولية إلى إشعال حرب أهلية داخل حركة «لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى». وعلى الصعيد العسكري، كشفت الحرب التي استمرت 12 يوما عن فجوات حرجة في مخزون الصواريخ الذي تمتلكه الولايات المتحدة. لقد استنزف كل من ترامب والرئيس الأمريكي السابق جو بايدن جزءا كبيرا من أنظمة الدفاع الجوي الاعتراضية الأمريكية.

ولكن من خلال إعطاء الضوء الأخضر للهجوم الأول، وَقَع ترامب في فخ إسرائيل —وليس من الواضح ما إذا كان قادرا على إيجاد مخرج، وخاصة إذا تمسك بمطلب التخصيب الصفري كأساس للاتفاق مع إيران. من المرجح أن المشاركة المحدودة لم تعد خيارا. سيتعين على ترامب إما الانضمام الكامل إلى الحرب أو البقاء خارجها. والبقاء خارج اللعبة يتطلب أكثر من مجرد رفض لمرة واحدة، بل يتطلب مقاومة مستمرة للضغوط الإسرائيلية، وهو الأمر الذي لم يظهر له ترامب حتى الآن الإرادة ولا القوة اللازمة لتحقيقه.

 

القنبلة النووية 

 

في المواجهة مع طهران يجد التحالف الأمريكي الإسرائيلي نفسهأمام هاجس توصل إيران فعليا إلى امتلاك سلاح نووي ما بين ثلاث إلى 7 قنابل نووية، هذه المخاوف يعززها تهديد القادة الإيرانيين بالانسحاب من اتفاقية منع الانشار النووي.

يوم 13 سبتمبر أكد رئيس لجنة الأمن والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني عزيزي إبراهيم، أن أحد خيارات بلاده للرد على تفعيل "آلية الزناد" هو الانسحاب من معاهدة عدم الانتشار النووي، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن إيران تمتلك أوراقا عديدة أخرى يمكنها استخدامها في التوقيت المناسب. وأشار عزيزي إلى أن التزام الأوروبيين ووكالة الطاقة الذرية بتعهداتهم قد يجعل اتفاق القاهرة كفيلا بإلغاء قضية تفعيل "آلية الزناد"، مؤكدا أن الأمر يبقى رهن احترام الأوروبيين والوكالة لهذه التعهدات وعدم مخالفتها. 

 

مصر

 

من أجل أن تنجز إسرائيل إذا كانت هي المحرك للتوترات، أو كانت أمريكا هي التي تستخدم تل أبيب كأداة لرسم واقع جديد في الشرق الأوسط ، يتوجب على الجانبين تحييد أو تدمير كل القوى التي يمكن أن تكون ندا، مصر وتركيا وإيران هي أهم التحديات.

كشف موقع “أكسيوس” الأمريكي يوم السبت 20 سبتمبر 2025 أن نتنياهو طلب من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ممارسة ضغوط على مصر لتقليص ما وصفه بـ”الحشد العسكري” في شبه جزيرة سيناء، في خطوة تعكس توترا جديدافي العلاقات المصرية ـ الإسرائيلية رغم مرور أكثر من أربعة عقود على توقيع اتفاقية السلام بين الطرفين.

وأوضح الموقع، نقلا عن مسؤول أمريكي ومسؤولين إسرائيليين، أن نتنياهو عرض خلال اجتماعه بوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في واشنطن، منتصف سبتمبر، قائمة بأنشطة عسكرية مصرية في سيناء اعتبرها “انتهاكات جوهرية” لاتفاقية كامب ديفيد الموقعة عام 1979، والتي تعمل الولايات المتحدة كضامن رئيسي لها.

وتشمل المزاعم الإسرائيلية إقامة بنية تحتية عسكرية يمكن أن تستخدم لأغراض هجومية في مناطق يسمح فيها بانتشار محدود لقوات بأسلحة خفيفة فقط.

ووفقا للمسؤولين الإسرائيليين، فإن القاهرة قامت بتوسيع مدارج في قواعد جوية بسيناء بما يسمح باستخدامها من قبل طائرات مقاتلة، فضلا عن بناء منشآت تحت الأرض يعتقد أنها قد تستخدم لتخزين صواريخ.

وشهدت سيناء حشدا عسكريا غير مسبوق من قبل الجيش المصري، حيث تم تعزيز الوجود العسكري بعشرات الآلاف من الجنود وآلاف الآليات، في مشهد وصف بأنه الأكبر منذ اتفاقية كامب ديفيد عام 1979.

وجاء هذا الحشد في سياق استعدادات مصر للتعامل مع تبعات الحرب في غزة، مع خشية من تدفق أعداد كبيرة من الفلسطينيين إلى سيناء، وهو الأمر الذي تعتبره مصر خطا أحمر لأمنها القومي.

وأضافت المصادر أن القنوات الدبلوماسية والعسكرية مع مصر لم تسفر عن توضيحات كافية، ما دفع تل أبيب إلى طلب تدخل واشنطن.

وفي السياق ذاته، شددت الهيئة العامة للاستعلامات في مصر على أن وجود القوات المسلحة المصرية في شبه جزيرة سيناء يهدف بالأساس إلى تأمين الحدود ضد مختلف المخاطر، وجددت التأكيد على رفض مصر التام لأي توسع في العمليات العسكرية الإسرائيلية بقطاع غزة، وعلى رفضها المطلق لسيناريو تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، معتبرة أن هذا الموقف يمثل خطاأحمر بالنسبة للقاهرة والمنطقة.

وتكتسي اتهامات نتنياهو لمصر حساسية خاصة بالنظر إلى أن معاهدة السلام لعام 1979 نصت على إنهاء حالة الحرب وسحب القوات الإسرائيلية من سيناء، مقابل التزام القاهرة بعدم نشر قوات عسكرية ثقيلة في مناطق معينة من شبه الجزيرة.

 

عمر نجيب

[email protected]