ذرفت دموعي اليوم على حين غرة دون سابق إنذار !

ثلاثاء, 2025-07-29 21:21

ضحا هذا اليوم وأنا أتنقل حافيا بين المواقع بحثا عن خبر ما عن فلسطين يثلج  صدري بعد ماكاد يحترق من شدة لهيب مايرسل وجداني إلى مسامعي وربما يؤكده لاحقا بصري من تلك الصور المؤلمة التي تنقل من غزة والضفة أقل ما توحي به هوكونها لا تليق بأي حيوان فكيف بإنسان خصوصا إذا ما علمنا كون ذلك الإنسان يوجد بين الأمم ومنذ ملا يين السنين ومعظم الأنياء  والرسل فهم قد ولدوا في أرضه أو مروا عبرها في طريقهم نحو السماء !
فبينما أنا غارق في تأملي هكذا أبادل ومضات أمل مع لسعات يأس إلى أن أوقفني الترحال فجأة عند تلفزة
البيبسي لبريطانية وإذا بها تقدم لنا معرضا فنيا تراثيا لرسامين عراقيين يعيش معظمهم في ابريطانيا ودول أوربية مجاورة ، ولقد كان أولئك الفنون والرسامون من مختلف الأعمار و السنح وكل القوميات العراقية ولكن الجميع توحده اللهجة العراقية المتميزة ، والتي ترسل لمستمعيها عبقا تاريخيا وفخامة لسوف تجسدها في وجداننا قامة الشهيد صدام حسين وهو قد يتخذ أحد قرارات الشرف تلك  التي من ضمنها مقولته الشهيرة  " عروبة موريتانيا ولا إسلام السينغال "
لم تكن تلك اللوحات الفنية الرائعة التي قد نقلت إلى المشاهد إلا لمحة لا بأس بها تعبر عن حضارة العراق الضاربة في أعماق التاريخ والتي من أهم إنجازتها كونها محت الأمية عن تلك الأمم الغابرة وحتى هذه الباقية !
لم يكن المعرض صامتا تتخلله خشخشة صوت نعال الزائرين . بل قد كان هناك جوق وطني عراقي مكتمل بأدواته الفنية التي كلها تستخدم حسب ما قد صنعت من أجله أصلا وهو إطراب المستمع مهما كان ذوقه الفني أو لغة حضارته التي ينتمي إليها !
ولكن ها أولاء الفنانين فهم مجرد موظفين ( فما بين مهندس وطبيب ورجل أعمال وحتى سائقي الأجرة ) رجالا ونساء لا يمكن التميز بينهم في النطق أو السنح فكلهم قد نهلوا من الثقافة والحضارة العراقيتين إنهم يحملان  معهم تلك الحضارة والثقافة إلى أين ما حلوا  أو ارتحلوا !
وقد دام أداء الفنانين  متدفقا عذبا ، تدغدغه نغمات عذبة ترسلها حناجر تلك السيدات الجميلات اللائي قد وحد ملامحهن ذلك الزي العراقي الأزرق المطرز بأنامل عراقية تعرف كيف ترسم تلك اللوحات الفنية الجميلة فوق صدور جميلات العراق ! 
وهنا أتذكر كوني لاشك لربما أبطأت في تقديم ما يبرر بكائي الذي ذكرت ولعلي كنت أنتظر القطرة التي كانت وراء طفح مآقي العيون وهي ما قد قدم ذلك التجمع من الفنانين من تلك الوصلة الغنائية المعروفة ( بعلى جسر لمسيب سيبوني ) للفنان العراقي المرحوم ناظم الغزالي الذي يعادل شموخه وهو يقدم تلك الوصلة الغنائية التاريخ نفسه يوم كان مازال واقفا على قدميه شامخا وقبل أن يصاب بالفالج النصفي ويصبح مقعدا لا يستطيع القيام بالحد الأدنى بستر نفسه دون العون والشفقة من اي كان !
ومن هنا وأنا أقلب في وجداني منلوجيا صفحات تاريخ العراق منذ عهد حمرابي مقدم أول شريعة مكتملة قد حفرها في مسلة صخرية مازالت موجودة حتى الساعة إلى مرحلة الرئيس صدام حسين وهو يحاول السباق مع الزمن لليجعل أمته في مصاف الدول المتقدمة تقنيا وحضاريا وثقافيا وإذا بحلم النجاح ذلك والأمان يتبخران  فجأة ويصبح العراق نفسه أسيرا وشبه ناقص للاهليه و عليه الطاعة حتى لأكثر من حارس أو وصي !
وهنا تحضرني قساوة الأسر كما قد عبر عنها أبو فراس الحمداني في قصيدته تلك" أراك عصي الدمع شيمتك الصبر : أما للهوى نهي عليك ولا أمر ، إلى أن يقول نعم أن مشتاق وعندي لوعة …وكما قال الصاحب  بن عباد في موضع الاسر : لقد كنت فيما مضى بالأعياد مسرورا فساءك العيد في اغمات مأسورا : ترى بناتك في الأطمار جائعة يغزلن لناس لا يملكن قطميرا ! علما أن ( اغمات ) هذا يقع شرق مدينة مراكش حيث توجد جامعة القاض عياض تلك المشهورة والتي كانت محلا لدراستي الجامعية  وذلك لأربع سنوات خلت  ! 
فهل هذا الواقع الذي ذكرت أدلة من عظمته ثم على مرارته لا يستحق  مني أنا الذي عاصرت شموخ العراق والآن أراقب أفول نجمه ولو إلى حين لا قدر الله ! إلا أن أبكي . بل يحق لي  ذلك فعلا وغصبا عني ! ولكني لست نادما لكوني أبكي نيابة عن أمتي وذلك فبعد أن فقدت عبد الناصر وصدام والقذافي وثم هواري رحمهم الله جميعا وغيرهم كثير خصوصا في هذا الظرف العصيب بالذات الذي نرى فيه هزيمة الأمة مجسدة فيما حدث 
في غزة ! 
ومن بعد فقدان أولئك العظماء الشجعان فلا نامت أعين الجبناء كما قد قال الصحابي الجليل خالد ابن الوليد رضي الله عنه وأرضاه  !

ذ/ إسلمو محمد المختار مانا