سباق بين التصعيد سوريّاً والإستحقاق الرئاسي الأميركي

خميس, 2016-09-22 05:04

لم تصمد الهدنة في حلب، إذ سرعان ما إشتعلت الجبهات كما إستؤنفت الغارات من الجو لتكريس المدينة بمثابة “العاصمة الإستراتيجية” لإختبار كيفية ترجمة الاتفاق الاميركي – الروسي والشروع عملياً بالنقاش حول التسوية النهائية، والشروع في تطبيقات المرحلة الإنتقالية بما فيها من شياطين كامنة بأطماع الدول والاطراف في سلة الغنائم جراء إنخراطها بالحرب السورية الدامية.

في هذا الاطار كشفت مصادر ديلوماسية متابعة للازمة السورية بأن الجانب الاميركي يبدي حذراً شديداً في إبداء موقف حيال الازمة السورية، كون هذه الازمة دخلت في عمق السباق الرئاسي نحو البيت الابيض، فلم يعد خافياً إنتقادات المرشحة هيلاري كيلنتون موقف الرئيس اوباما الرافض التدخل المباشر منذ بداية الازمة، في حين يبدي منافسها دولاند ترامب مقاربة مختلفة تماماً، تقضي بالانكفاء الاميركي عالمياً والإنصراف نحو معالجة أزمات الداخل بما فيها معضلة المهاجرين وأعدادهم المتزايدة.

وأضافت المصادر الديبلوماسية أن “الجانب الاميركي لن يعطي روسيا المستعجلة نسبياً ورقة ذهبية عبر فض القتال فوراً و إجراء تسوية تكرّس عملياً بسط النفوذ الروسي كاملاً على سوريا والجوار، بالإضافة إلى منح هوامش لأطراف حليفة لها، في مقدمها إيران والعراق على حساب تركيا والسعودية، هذا فضلاً عن عدم إمكانية الوصول إلى إتفاق في نهاية عهد رئاسي وفرضه كأمر واقع على الادارة الجديدة بغض النظر عن هوية الرئيس الاميركي الجديد”.

ووفق أجواء المعارضة السورية فإن الاتفاق الروسي – الاميركي ولد ميتاً، وبالتالي أصبح مصيره معلقاً بسلسلة إجتماعات ومشاورات بين القطبين، ما يعني إفساح المجال أمام وحش الموت الضاري وإستئناف جولات القتال من جديد لفرض وقائع جديدة على طاولة المفاوضات.

حاولت الخارجية الروسية التخفيف من إنعاكاسات إشتباكها الكلامي مع الولايات المتحدة الاميركية في أروقة الأمم المتحدة من خلال الدعوة إلى عقد جولات من المشاورات، على إعتبار أن الإتفاق لم ينهار كما الهدنة، وبالتالي لا بد من إفساح المجال للجهود الديبلوماسية لبلورة حلول سريعة. من الواضح أن التجاذب الاممي حول سوريا يندرج في إطار إمتناع أميركي عن منح روسيا نصراً سياسياً جديداً في سوريا، وبالتالي تعمّد الجانب الأميركي رفض الكشف عن مضمون الاتفاق لكونه إنحياز لوجهة نظر روسيا حول رؤيتها لمسار الازمة السورية وأولوية مكافحة “داعش” والمتفرعات الاخرى من المجموعات الاسلامية كمقدمة ضرورية قبل الشروع في مناقشات الحل السياسي.

وزير خارجية أميركيا جون كيري تعمد ملاقاة الجهود الروسية فحاول التخفيف أيضاً من وقع تصريحات المسؤول في القيادة المركزية جون توماس التي إنتقدت نسبيا دور الطيران الروسي بقصف قوافل الامداد الانساني في حلب، وسارع للاعلان عن لقائه نظيره الروسي في أسرع وقت، كما الاعلان عن جولة مفاوضات جديدة بين النظام والمعارضة جرى الاتفاق بشأنها مع وسيط الامم المتحدة ستيفان ديمستورا .

(الأوسط)