
رحم الله الشريف الصالح الشيخ محمد الزين ولد القاسم، فقد رحل زوال اليوم الجمعة عن دنيانا في المستشفى العسكري بنواكشوط إثر وعكة صحية خاطفة، لتخيم على البلاد سحابة من الحزن والأسى، ولتذرف العيون دموع الفقد على رجل لم يكن مجرد اسم في سجل الحياة، بل كان نسمة خير تمس القلوب، وسراجا يُضيء دروب الناس بالعطاء والبر والإصلاح.
لقد كان الشيخ محمد الزين فاعل خيرٍ بالفطرة، وخادما للمسلمين بإخلاص لا رياء فيه ولا سمعة. نشأ على حب الله ورسوله، وتربى في محاظر العلم والقرآن، فجمع بين الورع والزهد، والكرم والسخاء، واللين والحكمة. أينما حلّ، نفع، وأينما سار، ترك أثرا طيبا يعبق بالخير والدعاء.
كانت المحاظر في حياته منارات علم وروح وصدق، يرعاها كما يرعى الأب أبناءه، يغرس في طلابها حب القرآن وحسن الخلق، ويوجههم إلى الصبر والعلم والعمل، حتى صار رمزا تربويا وروحيا يضرب به المثل في التواضع وخدمة الناس.
رحيله أوجع القلوب في تگانت ولعصابة وآدرار، بل امتد الصدى إلى كل ربوع الوطن، إذ كان الجميع يعرف الشيخ باسمه وفعله وطيب معشره. ما من محتاج قصده إلا وجد عنده السعة، وما من مظلوم لجأ إليه إلا نال النصرة أو الدعاء أو الكلمة الطيبة التي تداوي القلوب.
لقد ترك الشيخ محمد الزين ولد القاسم إرثا لا يزول؛ إرثا من البذل والصدقة الجارية، ومن المودة وصلة الرحم، ومن الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة. غاب الجسد، لكن الأثر باق في القلوب، والذكر الحسن خالد في صدور من عرفوه وأحبوه.
نم قرير العين يا شيخ الخير والإصلاح، فقد، خلفت من بعدك دعوات ترفع لك كل حين، وألسنة تلهج بالرحمة والمغفرة لك.
> "لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم "
اللهم اجزه عن المسلمين خير الجزاء، وارفع درجته في عليين، واجعل قبره روضة من رياض الجنة، وألهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان.
تعازينا القلبية لأبناء الفقيد الفقيه الشيخ الحضرمي ومولاي والقاسم وبياي وعائلة الشرفاء أهل ديدي الأكارم والمجتمع الجكني بصفة عامة، ومعارف الشيخ ومريديه وطلابه في كل شبر من ربوع موريتانيا.
إنا لله وإنا لله راجعون
سيدي محمد ولد دباد
الجمعة ٩ جمادى الأولى ١٤٤٧ هـ









