
إلى السيد والي لعصابه :إن المنصب الذي تشغله ليس درعا تتترس به، ولا سيفا تلوّح به، بل أمانة ثقيلة توجب عليك أن تكون قدوة في القول والفعل. أنت تمثل الدولة في نظر المواطن، ولسانك هو لسانها، وسلوكك مرآة صورتها. فإن أحسنتَ فقد رفعت من قدرها، وإن أسأتَ فقد لطخت وجهها.
لقد تابع الناس مشاهد لا تليق بمقام المسؤولية، فيها غلظة في القول، وازدراء للمنتخبين الذين هم ممثلو الشعب. فهل بهذا تُصان هيبة الدولة؟ وهل يُبنى الاحترام على الإهانة؟ إن السلطة الحقيقية لا تُستمد من موقع إداري، بل من خلقٍ رفيع وعدل صادق وسلوك قويم.
نحن نعيش زمنا تغيّر فيه كل شيء؛ زمن لم تعد فيه الشعوب تُقاد بالتعالي ولا بالتهديد. الوعي اليوم أوسع من أن يُخدع، والكرامة أغلى من أن تُداس. ومن يظن أن رفع الصوت والكلام الجارح يُخيف، هذا المجتمع أو ذاك أو أن التسلط يُخضع، فهو لم يدرك بعد أن الاحترام لا يُفرض بالقوة بل يُكتسب بالقدوة.
السيد الوالي،
الهيبة ليست في التهجم على الناس، ولا في التلاسن مع المنتخبين، بل في رزانة المسؤول الذي يعرف متى يتكلم ومتى يصمت، متى يوجّه ومتى يُصغي. فمن فقد هذه البوصلة، ضيّع طريق الإدارة، وأضاع على نفسه احترام الناس قبل ثقتهم.
إن الدولة التي نريدها هي دولة قانون وعدل، لا دولة مزاج وغضب. نريد سلطة تُحترَم لأنها عادلة، لا لأنها تُخيف. فالوالي الذي يسيء إلى الناس يضعف الدولة لا يقويها، ومن يظن أن الإهانة ترفع من شأنه، فليعلم أنها تُسقِط هيبته قبل أن تسقط موقعه.
ختاما، هذه رسالة من مواطن غيور على صورة الدولة وهيبتها، لا يبتغي إلا أن تظل الإدارة عنوانا للانضباط والاحترام، لا ساحة للانفعال والتجاوز. فمن أراد أن يُمثّل الدولة، فليكن في خُلُقه نموذجها، وفي سلوكه رمزها، وفي تعامله تجسيدا لعدالتها، ومن أراد غير ذلك فليبحث عن ولاية أخرى غير ولاية لعصابه فطباع القوم لاترضخ للتهديد..
سيدي محمد ولد دبّاد.
2025-10-16 م