
الأيام التاريخية في حياة الأمم متعددة وللأمة العربية هناك الكثير من الأمثلة المشرفة في ذاكرة التاريخ، ففي ٥ يوليو من عام ١٩٦٢م أعلن استقلال الجزائر بعد أعظم قصة كفاح مسلح عرفها التاريخ استمرت منذ ١ نوفمبر ١٩٥٤م حتى نيل الاستقلال، استكمالا للثورة الأولى التي بدأها المجاهد الكبير الأمير عبدالقادر الجزائري بالقرن التاسع عشر عام ١٨٦٢م، فقدمت الجزائر ملايين الشهداء في سبيل التحرر ونيل الاستقلال .
بداية نوجز للأجيال العربية ما حدث في تلك المرحلة التي سبقت استعمار الوطن العربي، فالدولة العثمانية بسطت سيطرتها على المشرق العربي خلال أربعة قرون ثم بدأت تتراجع وتضعف لتتساقط ولاياتها العربية واحدة تلو الأخرى، بل إن الدول الأوروبية أجبرتها على توقيع عدد من الاتفاقيات قلصت حدودها الحالية لتبقى في الأناضول، مع نهضة أوروبية بوتيرة متسارعة وتمدد للأساطيل الأوروبية في مختلف أنحاء العالم، وفي مقدمتها الوطن العربي الذي كان يمثل الجوار التاريخي لأوروبا، وللأسف عاش حالة العزلة والانغلاق والقبضة الحديدية فرضها الولاة العثمانيون بأوامر من الباب العالي، ومنع التواصل مع أوروبا التي كانت تعيش مرحلة نهضة صناعية استفادت من علوم ومعارف ممن سبقها من علماء العرب والمسلمين، لذا فقد بقي المشرق العربي تحت هيمنة وقبضة الباب العالي، وعندما استقل الوالي العثماني محمد علي باشا بمصر وأراد ضم الشام والجزيرة العربية اجتمعت الدول الأوروبية للقضاء على هذه الدولة العربية الصاعدة في مهدها وبقيت دولته في مصر فقط ولاحقا تم احتلالها أيضا .
أما قصة احتلال الجزائر فيروى أن الوالي الجزائري الداي حسين قام بصفع السفير الفرنسي عندما طالب الداي حسين فرنسا باسترداد ما عليها من ديون ضخمة، فجاء رد السفير الفرنسي مستفزا لذا سوقت هذه القصة على أنها سبب في حصار الجزائر لتسقط العاصمة الجزائر عام ١٨٣٠م، والحقيقة الاستعمارية هي تقسيم ممتلكات الدولة العثمانية التي سميت “الرجل المريض” اعقبها استعمار كامل الوطن العربي، حيث كان المشرق العربي يمثل الرابط الاستراتيجي بين الشرق والغرب، ومن خلاله تتحرك الملاحة الدولية بين أوروبا والهند والصين وأسواق آسيا، إضافة إلى الثروات الطبيعية والزراعية والبشرية التي تمتلكها هذه المنطقة الجغرافية.
خميس القطيطي