
يبدو أن السيد كاتب المقال يتساءل عن جهل شبه مطبق عن تلك الأفكار الناصرية و المبادئ التي كانت تقوم عليها و كذا الممارسات التي طبقت تلك المبادئ ، الشيء الذي يجعل مبدع تلك المبادئ ينال مكانة متقدمة بين الرجال العظماء ، و قل أن تجدله عدلًا من باعة الدين و مشرعي الدعارة و أخذ الضرائب عليها للاسف في بعض أقطارنا التي قد كانت يوما ما إسلامية وقبل حكم تجار السياسة .
إن المضامين الساسية في ميثاق عبد الناصر التي ذكرت و كذا الذي كتبه بمقتضى المباديء التي اكتسبها عن طريق تأملاته التي نتجت عنها فلسفة الثورة التي كانت الإضاءة التي أنارت طريقه إلى تلك المبادئ (الحرية و الاشتراكية و الوحدة )حيث كانت الحرية هي حرية المواطن من الرق و التبعيّة المأجورة للإقطاعيين و الرأسماليين الغربيين و ربيبتهما تلك الوطنية ثم حرية الدولة نفسها من التبعية السياسية و الاقتصادية لأي من الحلفين ( الرأس مالي و الشيوعي )و بالتالي الاستغناء عنهما بإنشاء ( حركة عدم الانحياز ) تلك المنظمة التي قد تأسست على يد قادة كبار من أمثال لال نهرو واتشاو سسكو وعبد الناصر وغيرهم
من الدول والمنظمات الدولية وذلك من طرف ٢٩ دولة فهي تلك التي حضرت مؤتمر ( باندوگ )لسنة ١٩٥٥ م !
أما فالاشتراكية الناصرية فهي عبارة عن تقاسم كل الأدوار الاقتصادية من اجل النمو و الازدهار ببين القطاعين العام و الخاص ، فالعام فسيتولى المشاريع الكبرى و العملاقة التي لاتعطي ربحا سريعا يغري رأس المال الخاص الوطني وتلك التي لربما لا يقدر عليها بحيث يتولاها القطاع العام كبنائه لتلك الطرق ذات المسافات الطويلة بين مختلف اركان الوطن . و كذا أيضا فهو الذي يتولي التعليم و حتى الصحة و المنشآت العمومية ، و غير ذلك من المشاريع المشابهة ! بينما ييبقى للقطاع الخاص التابع لرأس المال الوطني الغير المستقل تلك المشاريع التي ربما يمكنه أن ينفذها ذلك القطاع الخاص مثل المقاولات و الشركات التجارية و بعض البنوك أو بعض المصحات و غير ذلك ، و جميع ما قد يتنازل له عنه القطاع العام مما قد يفيده ولربما قد يقدر عليه ماليا أو تقنيا والذي سوف يتم منحه بواسطة مناقصات عامة نزيهة شفافة وفيها تكافؤ للفرص وتحت رقابة جادة ومسؤولة ومعلن عنها مسبقا ، وليست مجرد صدفة فيها محاباة و حيف وظلم ثم غبن !
فهذا النوع من الاشتراكية ليس مثل اشتراكية الشيوعية التي قد تمنع الملكية الفردية أو تحد منها بل الإشتراكية الناصرية تشجع الفرد على التملك و بدون سقف محدد في حدود الشريعة الإسلامية و النظم القانونية المعمول بها ! بحيث يمكنه زكاة أمواله وكذا هبتها و التصدق بها أو التوصية بها لمن شاء من غير الوارثين !
فأما شعارات الوحدة العربية فهي كونها التي سوف توفر التكامل الأقتصادي الذي فبدوره قد يوفر الأمن الغذائي والصناعي و التكن تلك الوحدة مبنية على أسس تاريخية وجعرافية وآلآم وآمال مشتركة ، والتي سوف تكون رافدا مشجعا سيسرع في قيام الوحدة الإسلامية الغاية الكبرى تلك المنشودة من طرفنا جميعا !
فهذا ممايتعلق بالأجوبة الخاصة بالسياسة الاقتصادية في الفكر الناصري وفي إطار ذلك الموضوع الذي أثرت والذي ربما قد يعيدنا إلى بعض ما قد قام به جمال عبد الناصر أو أنجزه خصوصا فيما يتعلق بقضايا الأمتين الإسلامية و العربية و القارة الإفريقية بحيث ساهم شخصيا في حرب فلسطين كجندي و كمواطن و قد جرح ثم حوصر وقد ساهم في تحرير الشعب الجزائري وذلك بإرساله السلاح له على صهوات الخيول و البغال أو ظهور الإبل و الحمير وحتى يوصلها ذلك الانسان المصري إلى جبال الاوراس داخل الجزائر بحيث قد تنقل منها إلى المغرب . وحيث يمكن أن تقول بأنه لم تكن فيه أي ثورة شرعية في أي مكان إلا وقد كانت له يد فيها وهو الذي قد فرض دخول موريتانيا إلى الجامعية العربية وأمدها بالأطر الصحية و التعليمية ! ولولا المركز الثقافي المصري (لكنا الان شبه أعاجم ورغم تراثنا المحظري المعتبر والذي ساهم في بناء الحضارة) العربية والإسلامية !
و لننظر إلى الكفة الأخرى من ذلك الميزان و ما قد وضع فيها أولئك المتجارون بالإسلام . فسجل أولا : تجنيدهم للشباب العربي تحت يافطة الإسلام كذبا و زورا وبتمويل من الغرب و الصهاينة من اجل اضعاف الاتحاد السوفيتي و منظمة عدم الانحياز وكذا التآمر على قتل قادة العرب والذين كانوا يتعاونون مع القوى الدولية التقدمية وذلك من اجل الحفاظ على المواثيق الدولية لكي ترى الشعوب متنفساً تمارس من خلاله معظم حقوقها من اجل الحرية و كذا الانعتاق وإكامل السيادة الوطنية !
وبالقضاء على المنظومة السوفيتية و كذا عدم الانحياز بقى الطريق سالكا للغرب و الصهاينة يعيثون الفساد في كل الأراضي الاسلامية بعنجهية تمثلها رقصات التحدي في كل باحات المسجد الأقصى ثالث أقدس مساجد الإسلام
وسجل إثنان : قتل قادة العرب مثل عبد الناصر و صدام حسين و معمر القذافي و الملك فيصل رحمة الله عليهم وغيرهم لتبق اسرائيل حرة في إبادة السكان الفلسطينين و طردهم من ارضهم و احتلال أجزاء من سوريا و لبنان و الحبل على الجرار ! وسجل ثالثا فماهو موقف تجار الإ سلام الذين ساهموا في هذا الواقع المزي السيئ وهم ينظرون اليه بوجوه صفراء لا دماء فيها وأفئدتهم هواء ، وكأنهم بقر وحش يفترس الأـسد واحدا من أفراده ودون حراك يذكر قد يصدر من ذلك القطيع ، ورغم ما يتوفر عليه من قرون حادة و أظلاف جد خشنة!
و أخيرا أفيدك علما أيها السائل بأن المطالبة بالوحدة العربية ذلك لكونها ضرورية لقيام دولة الوحدة الإسلامية لكوننا لايمكننا أن نتخيل وحدة بين أندنوسيا و السينغال بدون المرور بالجزيرة العربية و بشمال غرب افريقيا أبدا!
و في الختام أنصحك ياصاحب تلك الإسئلة أن لا تكتب في أي موضوع إلا إذا كنت على معرفة دقيقة بأبعاده و أكبر مثال على ذلك فهو كون الحديث عن الوحدة بين الامم لا يقوم على مجرد العقيدة و التاريخ بل لابد لها من جغرافيا متصلة و أكبر دليل على ذلك فهو فشل وحدة باكستان و بنغلاديش ! و من اسباب ذلك الفشل العوامل الجغرافية التي لربما كانت تفصل بين معظم أراضي شعبي الدولتين اللتين قد جمعت بينهما اللغة والعقيدة وكذا السحنة ثم تلك البشرة السمراء والشعر الأسود الكث والسروال البني والقميص المسدل لما تحت الركب وفوق تلك السراويل الفضفاضة التي تعد علامة تميزهم عن غيرهم من الأمم !
ذ / إسلمو محمد المختار