معطيات الحرب في غزة وجنوب لبنان واليمن وإيران تحدد مصير الصراع.... النظام العالمي المتبدل يعيد رسم خارطة الشرق الأوسط

أربعاء, 2024-10-30 14:55

المتاهة أو الفوضى هذا ما يشعر به الكثير من المتتبعين للصراع الدائر في منطقة الشرق الأوسط المركز والذي يزداد حدة بشكل لم يسبق له نظير منذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023. رقعة الحرب في اتساع مستمر ومعها عدد المشاركين فيها وكذلك الرهانات والنتائج المترتبة عليها. المواجهة عمليا وبعيدا عن الأضواء المتركزة على محاور معينة تعكس وتدور بين معسكرين يتنافسان في الشرق الأوسط ضمن مناطق أخرى في العالم على بقاء أو تبديل النظام العالمي الذي فرض في العقد الأخير من القرن العشرين أثر انهيار الاتحاد السوفيتي وبداية ما سمي ووصف بالقرن الأمريكي أو القطبية الأحادية.

في الشرق الأوسط كما على ساحة وسط شرق أوروبا وبحر الصين الجنوبي وجوار جزيرة تايوان حيث تستعر المواجهات بين الجنوب والشمال أو كما يحب البعض أن يوصفها بين الشرق والغرب، تمارس أجهزة الإعلام الغالبة على الصعيد الدولي وهي حتى الحين غربية أسلوب المغالطة وتغطية الحقائق في محاولة لمنع انهيار الدعم في المعسكر الغربي لسياسات المحافظين الجدد اليمينية، وتتحدث فقط عما تنسجه في خيالها عن الانتصارات لمعسكرها والانتكاسة لخصومها.

عندما شنت القوات الإسرائيلية هجومها الواسع جوا وبحرا وبرا "عملية السيوف الحديدية" على قطاع غزة في أكتوبر 2023 بمشاركة أكثر من نصف الجيش الذي استدعى 360 ألف من الاحتياطي، أكدت أغلب وسائل الإعلام الغربية أنه ليس أمام حماس سوى أربعة إلى ستة أسابيع قبل أن تسقط وتحرر تل أبيب الأسرى، اليوم بعد 13 شهرا لم يتحقق ذلك وغرق الجيش الإسرائيلي عمليا في حرب بلا نهاية في القطاع المحاصر الذي لا تزيد مساحته على 360 كلم مربع. قتل السنوار يوم الخميس 24 أكتوبر 2024 وأكد ساسة في إسرائيل والغرب أن ذلك ينهي حرب غزة ونهاية حماس العكس هو ما سجل حتى الآن، قتل الجيش الإٌسرائيلي بدعم أمريكي وبريطاني قادة من حزب الله اللبناني وفي مقدمتهم حسن نصر الله، وأكدوا أن الحزب انتهى ولكن الجيش الإسرائيلي فشل في التقدم في جنوب لبنان ورغم الرقابة العسكرية الصارمة يتكبد ووفق تل أبيب خسائر كبيرة ويدفع حسب رئيس وزراء إسرائيل في الحرب أثمانا باهظة.

خططت تل أبيب وأنصارها من المحافظين الجدد في الولايات المتحدة أساسا والغرب عامة، لفرض واقع جديد في الشرق الأوسط رغم خمود المعركة في بلاد الشام والفشل في إسقاط دمشق. وبعد إنهيار مخطط الفوضى الخلاقة الذي أعقب احتلال العراق وغزو ليبيا، جرت محاولات مختلفة للوصول إلى هدف تمزيق الشرق الأوسط وتقسيم دوله على أسس دينية وعرقية وطائفية.. إلى ما بين 52 و54 دويلة، جاءت صدمة طوفان الأقصى لتقلب المعادلات ولكن تل أبيب وواشنطن اللتان تتقنان في كثير من الأحيان قلب موازين القوى لصالحهما من رماد الحرائق سعيتا لكسب رهان جديد بأسلوب جديد ولكن معركة غزة وجنوب لينان ومضيق باب المندب والمواجهة مع طهران فرضت واقعا جديدا.

عندما يتحدث نتنياهو عن "تغيير الواقع الاستراتيجي في الشرق الأوسط"، فإنه يشير إلى أهداف سياسية وعسكرية تتعلق بتعزيز موقع إسرائيل الإقليمي وتعديل توازن القوى في المنطقة لصالح إسرائيل. نتنياهو يسعى إلى تغيير الواقع الاستراتيجي بشكل يجعله أكثر أمنا واستقرارا لإسرائيل في مواجهة التهديدات المتعددة، سواء من حركات المقاومة الفلسطينية، أو حزب الله في لبنان، أو إيران، أو حتى التحولات الجيوسياسية في المنطقة.

 

الحرب مع طهران

 

تل أبيب تقول أنها في هجومها الجوي يوم السبت 26 أكتوبر 2024 على إيران حققت كل أهدافها وألحقت خسائر كبيرة بالقدرات العسكرية وخاصة الصاروخية لإيران، طهران من جانبها تؤكد أن دفاعها الجوي نجح في الحد من فعالية الهجوم ولم يلحق بها سوى أضرار صغيرة أهمها مقتل جنديين.

وسائل الإعلام الغربية المهيمنة دوليا رجحت الرواية الإسرائيلية، بل وذهبت صحيفة "واشنطن بوست" إلى القول نقلا عن شخص مطلع على خطط إسرائيل، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، قوله إن إسرائيل خططت لضربتها بهدف تقليل الخسائر والحفاظ على التأثير عند مستوى يسمح لإيران بإنكار الأضرار الجسيمة واحتواء الموقف. وأضاف المسؤول أن هذه كانت نسخة أوسع نطاقا من الرد الذي أطلقته إسرائيل، في أبريل 2024، عندما نفذت ضربة في وسط إيران قال مسؤولون إيرانيون إنها لم تسبب أي ضرر، وذلك بعد أن أطلقت طهران وابلا من الصواريخ والطائرات بدون طيار على إسرائيل.

 

عمليات حسابية

 

إذا صدقنا إعلان تل أبيب عن مشاركة 100 مقاتلة قاذفة في الهجوم على أهداف إيرانية خلال ثلاثة موجات متتابعة ليلة الجمعة السبت بعد أن عبرت حسب أقوال الجيش الإسرائيلي المجال الجوي لكل من سوريا والعراق في مناطق الوجود العسكري الأمريكي، فإن ذلك يستلزم في الحد الأدنى وجود ما بين 6 و 9 طائرات للتموين الجوي بمعدل طائرة خزان لكل 8 مقاتلات مقنبلة وذلك طول مدة العملية الهجومية. وهذه الطائرات في الغالب من طراز كيه سي 135 الأمريكية بعد أن أحال سلاح الجو الإسرائيلي على التقاعد طائرات أقدم من طراز بوينغ كيه سي-767.

الغرض الأساسي من طائرة كيه سي-135 هو تزويد الطائرات الأخرى بالوقود في الجو، وهو دور أساسي في توسيع نطاقها التشغيلي وقدرتها على التحمل. وهذه القدرة حاسمة بالنسبة للعمليات الجوية البعيدة المدى التي تتطلب وجودا جويا متواصلا. تعد طائرة التزود بالوقود الجوية، التي تبلغ سرعتها حوالي 853 كم/ساعة ومدى يصل إلى حوالي 2400 كم، لاعبا رئيسيا في كل عملية جوية.

تل أبيب لا تملك هذا العدد من الطائرات وهذا يوجب مشاركة طائرات طرف ثان. أجهزة الرادار الروسية في المنطقة والأقمار الصناعية رصدت اقلاع طائرات كبيرة من قاعدة عين الأسد في العراق وأخرى من منطقة الخليج العربي في وقت متزامن مع الغارات الإسرائيلية.

واشنطن نفت مشاركتها في العملية الإسرائيلية، لكن يوم الأحد 27 أكتوبر 2024 وفي تلميح يمكن ربطه بالتهنئة التي وجهها الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتصوغ إلى جميع الوحدات العسكرية التي شاركت في عملية الرد على إيران والشكر خاصة للولايات المتحدة على "التحالف الحقيقي والتعاون العلني والسري".

عبور الطائرات الإسرائيلية ووصولها إلى مسافة 70 ميلا غربا من الحدود الإيرانية لإطلاق صواريخها كما أفادت البيانات المختلفة تستغرق حوالي 36 إلى 42 دقيقة حسب سرعة الطيران للمقاتلات المقنبلة وخلال هذه الفترة تكون مرصودة في الزمن الفعلي من طرف الأقمار الصناعية المختلفة وفي حالة إيران وبناء على علاقاتها مع موسكو وبكين تكون مرصودة من طرف الأقمار الصناعية وغيرها من أجهزة الرادار لهاتين القوتين وبناء على ذلك ستكون طهران مدركة بفارق الوقت السابق لإستشعار الهجوم والاستعداد قدر المستطاع للتصدي له.

يوم الأحد 27 أكتوبر 2024 صرح وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، بأن بلاده تلقت "إشارات" واضحة ودقيقة ظهر يوم الجمعة قبل الهجوم الذي شنته إسرائيل، مشيرا إلى "تبادل الرسائل مع عدة جهات قبل الهجوم، وكنا في تنسيق مستمر مع قواتنا المسلحة".

حسب معطيات الأجهزة الاستخبارية الدولية والغربية خاصة منها وبعد الزيارات المتعددة لمسؤولين روس لطهران ومنها تلك للأمين العام لمجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو إلى طهران يوم الاثنين 5 أغسطس 2024 في أعقاب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية، قام القوات المسلحة الروسية بإقامة جسر جوي نحو إيران لتزويده بشبكة دفاع جوي إضافية من طراز أس أس 300، وأس أس 400 بطواقم روسية استعدادا لمواجهة هجمات جوية محتملة من طرف الولايات المتحدة أو إسرائيل.

مصادر الرصد الغربية في موسكو وبرلين اتفقت في تقديراتها وخاصة بفضل صور الأقمار الصناعية حتي يوم الإثنين 28 أكتوبر أن الهجوم الجوي الإسرائيلي ليوم 26 أكتوبر لم يكن ناجحا بالحجم الذي حاولت تقديمه كل من تل أبيب وواشنطن.

 

حجم النجاح الإيراني

 

أفاد موقع الدفاع العربي يوم 27 أكتوبر 2024 في تقرير له عنالهجوم الإسرائيلي: 

في تصعيد دراماتيكي للتوترات، نجحت وحدات الدفاع الجويالإيرانية في اعتراض عدة صواريخ أطلقتها إسرائيل خلالالساعات الأولى من صباح 26 أكتوبر. 

وجاء هذا الرد بعد وقت قصير من تنفيذ القوات الإسرائيليةلسلسلة من الضربات الصاروخية التي استهدفت العاصمةالإيرانية طهران. وفي حين كان حجم الهجوم صغيرا نسبيا، تشيرالتقارير الأولية إلى أن القوات الإيرانية نجحت في تحييد جميعالتهديدات الواردة.

وقد ظهرت روايات متضاربة بشأن عدد الموجات التي شنت بهاإسرائيل هجماتها. وفي حين تختلف المصادر الغربيةوالإسرائيلية، تشير التقارير الإيرانية إلى أنه تم شن موجاتمتعددة. واعتمدت استراتيجية إسرائيل على صواريخ بعيدة المدىتطلق من الجو، من مواقع خارج المجال الجوي الإيراني، مما قللمن المخاطر التي تتعرض لها طائراتها.

قبل ساعات من العملية الإسرائيلية، نبه المسؤولون الروس إيرانإلى الضربات الوشيكة، وتبادلوا المعلومات الاستخباراتية حولالأهداف المحتملة والمناورات الإسرائيلية، وفقا لمصادر تحدثت معسكاي نيوز عربية. وعلى الرغم من إلحاق بعض الضرر بالمنشآتالعسكرية في محافظات طهران وخوزستان وإيلام – مما أسفرعن مقتل اربعة جنود إيرانيين – أفادت السلطات الإيرانية أندفاعاتها الجوية اعترضت العديد من الصواريخ المهاجمة.

وبحسب موقع أكسيوس، أعلنت القوات الإسرائيلية عن اكتمالعمليتها الجوية بنجاح بعد ساعات من بدايتها، والتي استهدفتأنظمة الدفاع الجوي ومرافق إنتاج الصواريخ مع تجنب البنيةالتحتية النووية والنفطية عمدا للتركيز فقط على الأهدافالعسكرية.

وأدانت إيران الضربات الإسرائيلية باعتبارها انتهاكًا للقانونالدولي، مؤكدة على حقها في الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة. ولا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت إيرانسترد، تشير مصادر من سكاي نيوز عربية إلى أن إيران أشارت،من خلال وسطاء، إلى قرارها بالامتناع عن الانتقام الفوري، فيحين تشير تقارير من وكالة تسنيم إلى أن طهران مستعدة للردوحذرت من أن إسرائيل ستواجه ردا مضادا متناسبا.

في الوقت نفسه، حثت الولايات المتحدة إيران على وقف أعمالهاالعدوانية، محذرة من أن استمرار الأعمال العدائية قد يؤدي إلىدعم أمريكي لإسرائيل والعواقب المحتملة إذا تصاعدت التوتراتأكثر.

 وتعكس استراتيجية إسرائيل العمليات السابقة ضد الأهدافالسورية، وخاصة بعد إسقاط طائرة إف-16 آي إسرائيليةبواسطة صاروخ إس-200 سوري في عام 2018. وتشيرمعلومات استخباراتية أمريكية مسربة أيضا إلى أن إسرائيل ربماتفكر في استخدام صواريخ باليستية بعيدة المدى تطلق من الجوضد المواقع الإيرانية.

ردا على الموجة الأولية من الهجمات، نشرت القوات الإيرانيةصواريخ أرض-جو متوسطة المدى [SAM] لمواجهة الصواريخالإسرائيلية. وفي الضربات اللاحقة، استخدمت إيران أنظمة دفاعبعيدة المدى قادرة على اعتراض الصواريخ من مسافات تتجاوز100 كيلومتر – وهو تقدم مهم.

من بين ترسانة الدفاع الجوي الإيرانية أنظمة إس-300 بي إميو-2 الروسية الصنع المطورة، والمعروفة بقدراتها المتقدمة علىالاعتراض. في حين أن الصواريخ القياسية 48N6E2 يبلغ مداها200 كيلومتر، فإن هذه الأنظمة متوافقة مع صواريخ 48N6DMالأكثر تقدما، والتي تتميز بمدى اعتراض يصل إلى 250 كيلومتراومصممة لمواجهة التهديدات الأسرع من الصوت.

 

صواريخ إس-300

 

حصلت إيران على صواريخ إس-300 المطورة في عام 2020،ويعتقد أنها تشمل صواريخ 48N6DM، التي اختبرتها الصينبنجاح ضد أهداف تسافر بسرعة أكبر من 8 ماخ على مدى 250 كيلومترا – متفوقة على تكنولوجيا الصواريخ التي تطلقها إسرائيلجواً. 

بالإضافة إلى أنظمة إس-300، تمتلك إيران مجموعة متنوعة منقدرات الدفاع الجوي بعيدة المدى. يظل نظام إس-200 دي منالحقبة السوفيتية، أحد الخيارات الأطول مدى، وقادرا علىالتعامل مع الأهداف على مسافات تصل إلى 300 كيلومتر. علىالرغم من تحديثه لتعزيز القدرة على الحركة، فإن إس-200 مصممفي المقام الأول للدفاع ضد التهديدات الأكبر مثل الصواريخالباليستية بدلا من الأهداف الجوية الأصغر.

يقال إن نظام الدفاع الجوي الأكثر تقدما الذي تم تطويره محليافي إيران، بافار-373 (باور 373)، وصل إلى مدى مثير يبلغ 300 كيلومتر اعتبارا من أبريل، بعد دمج صاروخ صياد-4B الجديد. ربما لعب هذا النظام دورا حاسما في عمليات الاعتراض الأخيرة. ويقدم نظام محلي آخر، وهو "خرداد 15"، بديلا أخف وزناً من"باور 373″، مع مدى اشتباك يتجاوز 100 كيلومتر، على الرغممن أن التفاصيل حول نشره لا تزال محدودة.

إن اعتماد إيران على الدفاعات الجوية الأرضية يرجع إلى حدكبير إلى مخزونها المحدود من الطائرات المقاتلة الحديثة. وتشكلهذه الشبكة الدفاعية متعددة الطبقات تحديا كبيرا لإسرائيلوحلفائها، مما يعزز استراتيجية الردع الصاروخي الشاملة التيتنتهجها إيران. كما أن التكامل المتطور لهذه الدفاعات الأرضيةمع أنظمة الحرب الإلكترونية والرادار المتطورة يعزز موقف إيرانالدفاعي في المنطقة.

 

مرحلة جديدة من الصراع 

 

جاء في تقرير نشر في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم 26 أكتوبر 2024:

ردت إسرائيل، صباح السبت، على الهجوم الصاروخي الإيراني الذي شن ضدها في الأول من أكتوبر. وعلى النقيض التام من رد إسرائيل السابق في أعقاب الهجوم الإيراني في أبريل الماضي، فإن الرد هذه المرة كان هجوما واسع النطاق وقويا وكبيرا في مختلف أنحاء إيران، نفذته عشرات الطائرات وجاء في موجات متعددة.

والضربة الإسرائيلية على إيران أثارت تساؤلات بشأن رد الفعل المتوقع من طهران، وعما إذا كانت يمكن أن تنجر إلى حرب أوسع.

المحلل الإيراني وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة ويستمينستر البريطانية، علي أبشيناز، قال لموقع "الحرة" إن "الضربة الإسرائيلية تشكل مرحلة جديدة من الصراع، لكنها لا تصل إلى حد الحرب الشاملة"، وحذر من المزيد من "التصعيد حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة".

وأضاف "لقد أشار رد الفعل الأولي لإيران إلى أن الجانبين (إسرائيل وإيران)، نجحا مرة أخرى في تجنب حرب واسعة، حتى وإن كانت المناوشات بين الطرفين أصبحت أكبر من أي وقت مضى".

ويرى أن "الهجمات الحالية بين الطرفين تعتبر مدارة بحذر ومدروسة جيدا"، لكنه حذر أن "الهجوم الانتقامي الذي شنته إسرائيل على إيران يمثل بداية مرحلة جديدة وأكثر خطورة في الصراع المستمر بين الطرفين منذ سنوات".

وقال إنه "بعد سنوات طويلة من الاتهامات المتبادلة بين الطرفين بتنفيذ مخططات معادية واغتيالات، هذه هي المرة الثانية التي تعلن فيها إسرائيل تنفيذ عملية عسكرية داخل إيران. وهذا بالطبع ورغم كل شيء يجعل طهران تشعر الآن بحرج داخلي وخارجي، لاسيما أنها لم تشهد عدوانا على أراضيها من قبل دولة أجنبية منذ عقود".

وأشار إلى أنه "رغم أهمية ورمزية الهجوم الإسرائيلي، إلا أن طهران تحاول السيطرة على رد فعلها الانتقامي، وهذا ما تدركه إسرائيل والولايات المتحدة بالطبع، حيث لا يريد أي منهما اندلاع حرب كبرى في الشرق الأوسط حاليا لا يمكن السيطرة عليها".

وتطرق الخبير الإيراني إلى الدور الذي لعبته الإدارة الأمريكية لاحتواء الأزمة، قائلا إنه "بعد أسابيع من الضغوط من الولايات المتحدة لتقليص نطاق هجومها، تجنبت إسرائيل ضرب مواقع تخصيب نووي حساسة ومرافق إنتاج النفط ردا على وابل الصواريخ الباليستية الكبير الذي أطلقته إيران على إسرائيل في وقت سابق من أكتوبر 2024".

وصرح الصحفي الإيراني، إليا جزائري، لموقع "الحرة" إن "هناك استخفافا إيرانيا كبيرا بالضربة الإسرائيلية، ويقولون إنها ليست مؤثرة، ما يبين أن إيران لا تريد التصعيد، حتى أن الحكومة عادت إلى شعاراتها السابقة وهي الالتزام بالدفاع عن غزة والشعبين الفلسطيني واللبناني".

وأضاف أنه "في نفس الوقت يتحدث المسؤولون الإيرانيون عن أن حق الرد مكفول، وأننا سوف نرد وتنتقم"، لكنه يرى "بشكل عام أن إيران ستحتوي الأمر".

وأشار إلى أن "المسؤولين الإيرانيين والإسرائيليين وبالطبع الأمريكيين لا يريدون حربا واسعة في الشرق الأوسط."

ويرى أن "إسرائيل لا تحاول استفزاز إيران أو جرها إلى حرب أوسع، وهذا ظهر عندما كان الجميع على علم بموعد الضربة".

وبشأن دلالة ومغزى الضربة الإسرائيلية، قال إنها "ليست مفاجئة، بل ضربة انتقامية استهدفت بها إسرائيل منظومة الصواريخ التي استخدمتها إيران ضدها سابقا، وهذا تحذير من إسرائيل لإيران بأنها تريد العودة إلى قاعدة التعامل التي كانت إيران تتبعها معها ".

وأكد أن "إسرائيل مستمرة في حربها ضد حزب الله وحماس، وسوف تواجه أي تصعيد إيراني في الأيام المقبلة إن كان مباشرا أو من خلال ميليشياتها في سوريا والعراق ولبنان".

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن شخص مطلع على خطط إسرائيل، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، قوله إن إسرائيل خططت لضربتها بهدف تقليل الخسائر والحفاظ على التأثير عند مستوى يسمح لإيران بإنكار الأضرار الجسيمة واحتواء الموقف.

وأضاف المسؤول أن هذه كانت نسخة أوسع نطاقا من الرد الذي أطلقته إسرائيل، في أبريل الماضي، عندما نفذت ضربة في وسط إيران قال مسؤولون إيرانيون إنها لم تسبب أي ضرر، وذلك بعد أن أطلقت طهران وابلا من الصواريخ والطائرات بدون طيار على إسرائيل.

 

حرب شاملة

 

صرح الخبير الإسرائيلي والمحاضر بجامعة "جورج تاون"، ديفيد ليفي، لموقع "الحرة"، إنه "يبدو أن إسرائيل ركزت على المواقع العسكرية فقط استجابة لطلبات الحكومة الأمريكية، وفي محاولة لاحتواء التصعيد". 

وأضاف أنه "ليس من المستغرب أن تحاول وسائل الإعلام الإيرانية في تصريحاتها الأولية التقليل من حجم ونتائج هذا الهجوم لحماية صورة النظام. لكن حقيقة أن القيادة الإيرانية تقدمت خطوة والتزمت بالرد الفوري تزيد من احتمالات أننا ما زلنا في بداية جولة أخرى من الاشتباكات بين الطرفين". 

وتابع أن "الهجوم الإسرائيلي الأخير يعتبر حدثا غير مسبوق، فمنذ الحرب الإيرانية العراقية، لم تتعرض طهران لمثل هذه الهجمات على أراضيها. والواقع أن القيادة الإيرانية في مأزق حقيقي. فمن الواضح أن قادة إيران غير مهتمين بحرب إقليمية، ومن الواضح أيضا أنهم يدركون أن أي رد أكبر سيقربهم من حرب إقليمية. وهم يخشون مثل هذا الصراع، خاصة في ضوء الوجود العسكري الأمريكي واسع النطاق في الشرق الأوسط".

لكن يبقى التساؤل بشأن هل يمكن لإيران استيعاب هذا الهجوم دون الرد وبالتالي التعرض لهجمات مستقبلية، ويجيب الخبير الإسرائيلي قائلا إن إسرائيل لم تهاجم البنية الأساسية أو المواقع النووية، وقد تفعل ذلك إذا ردت إيران. لكن من ناحية أخرى، كان هذا هجوما واسع النطاق وليس رمزيا بالتأكيد من جانب إسرائيل. ومن وجهة نظر إيران، فإن الرد على إسرائيل من شأنه أن يوازن معادلة الردع ضد إسرائيل. لكن من الممكن أن يجر ذلك إيران إلى حرب كانت حذرة من خوضها منذ هجمات حماس في السابع من أكتوبر". 

ويرى "أننا أمام لحظة تاريخية، حيث أصبحنا أقرب من أي وقت مضى إلى حرب مباشرة بين إسرائيل وإيران يمكن أن تمتد إلى حرب إقليمية. وتعترف إسرائيل لأول مرة بأنها هاجمت إيران من الجو، وحتى إذا تم احتواء هذه الجولة، فقد دخلنا حقبة جديدة في العلاقات بين إسرائيل وإيران سيكون لها تأثير كبير على مستقبلهما".

وأشار إلى أن "حاجز الخوف الإسرائيلي لتنفيذ هجمات داخل إيران قد انكسر. وستوضح شدة وقوة رد إيران، ما إذا كان حاجز الخوف الذي تملكه طهران ضد حرب شاملة مع إسرائيل سوف ينكسر أيضا. أو إذا ردت إيران بدلا من ذلك بطريقة تفي بوعدها بالقيام بذلك، دون إشعال صراع أكبر".

 

طهران في معادلة الصراع الدولي 

 

جاء في تقرير نشرته ال بي بي سي في لندن يوم 3 أكتوبر 2024:

يرتبط التعاون في التكنولوجيا العسكرية والتعاون العسكري بين طهران وموسكو، بالحرب في أوكرانيا، كما أن له صلة بالضربات الإيرانية التي وجهت إلى إسرائيل، والتي يمكن أن تتصاعد إلى صراع واسع النطاق في المستقبل القريب.

وزودت إيران روسيا بالفعل بطائرات مسيرة هجومية يستخدمها الجيش الروسي لضرب أوكرانيا. وكانت هناك أيضاً طلبيات أسلحة أخرى أصغر حجماً تم تسليمها.

مع ذلك، فإن هذا التعاون العسكري التكنولوجي قد يرقى إلى مستوى مختلف. فعلى سبيل المثال، يمكن لروسيا أن تبيع لإيران مجموعة من الطائرات المقاتلة من طراز سوخوي-35 (فلانكر)، والتي كانت في الأصل مجهزة من أجل صفقة مع مصر لكنها لم تتم بسبب التهديدات الأمريكية للقاهرة. وأبدت إيران بالفعل اهتمامها بالحصول على هذه الطائرات.

وإذا حصلت إيران على هذه المقاتلات، فمن شأن ذلك أن يجعل العمليات الجوية ضد إيران معقدة. فالقوات الجوية الإيرانية ليس لديها في الوقت الراهن سوى بضع عشرات من الطائرات المقاتلة، معظمها من الطرازات الروسية القديمة والطرازات الأمريكية التي عفا عليها الزمن من مخلفات النظام الذي سبق الثورة الإسلامية عام 1979. 

أكثر من 20 طائرة مقاتلة لا تزال مرابطة في مدرج مصنع كومسومولسك-أون-أمور للطائرات (KnAAZ)، عليها ألوان العلم المصري وفق ما أشار إليه مركز التحليل العسكري الروسي لتحليل الاستراتيجيات والتقنيات، ويمكن رؤية هذه الطائرات حتى على خرائط غوغل.

كما يمكن لروسيا أن تنقل أنظمة دفاع جوي إلى إيران، مثل قاذفات الصواريخ قصيرة المدى "بانتسير-إس1" التي قد تستخدم في حماية أنظمة الدفاع الجوي الأطول مدى أو غيرها من الأهداف الحيوية، من الضربات الصاروخية الإسرائيلية.

وذكرت وثائق مخابراتية أمريكية سرية مفرج عنها في 2023، أن المجموعة الأمنية الروسية فاغنر، كانت تخطط لنقل مثل هذا النظام إما إلى حزب الله أو إلى إيران.

وصرح جون كيربي، منسق مجلس الأمن القومي الأمريكي للاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض، إن الولايات المتحدة تستعد لفرض "عقوبات مكافحة الإرهاب ضد الأفراد والكيانات الروسية" في حالة حدوث مثل هذه التسليمات.

العلاقات الدولية في الشرق الأوسط متشابكة بشكل كبير لدرجة أن أي تدخل كبير يمكن أن يؤدي إلى سلسلة من ردود الفعل التي قد تسفر عن مشاكل مع دول أخرى.

على أي حال، يبدو أن موسكو وطهران حاولتا التفاوض على جميع التفاصيل قبل أي تصعيد في المنطقة.

في 30 سبتمبر، زار رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين طهران. وبحسب صحيفة "فيدوموستي" الروسية، فإن الزيارة كانت تهدف إلى مناقشة كامل نطاق التعاون الروسي الإيراني، مع التركيز بشكل خاص على المشاريع المشتركة الكبرى في مجالات النقل والطاقة والصناعة والزراعة.

 

حرب استنزاف

 

حسب مصادر رصد ألمانية كانت عملية إسرائيل بالتعاون مع واشنطن ولندن لتفجير أجهزة الإتصال البيجر في لبنان ثم عمليات اغتيال قادة حزب الله وفي مقدمتهم نصر الله، جزء من مخطط أكبر للتخلص من التنظيم اللبناني وإنهاء كل ما يمثله من تهديد لإسرائيل ومخططات واشنطن في سوريا، ولكن المشروع انهار بشكل غير متوقع حيث استعاد حزب الله توازنه ساعات بعد اغتيال قادته وشن هجمات غير مسبوقة على إسرائيل مكبدا الجيش الإسرائيلي خسائر غير مسبوقة ومجبرا أكثر من مليوني ونصف إسرائيلي على اللجوء إلى الملاجئ أو التفكير في الهجرة..

جاء في تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية يوم 24 أكتوبر 2024:

على الرغم من قتل "إسرائيل" عدداً من قيادات حزب الله، وادعائها أنها دمرت جزءا كبيرا من قدراته العسكرية، فإنه لا يزال صامدا ولم يدمر، وفي إمكانه إدخال "إسرائيل" نفق حرب استنزاف طويلة.

وأشارت الصحيفة إلى أن "حزب الله يقاوم وينفذ الكمائن ضد القوات الإسرائيلية عبر الاشتباكات البرية عند جنوبي لبنان، ويكثف الضربات عبر الطائرات من دون طيار والصواريخ في عمق إسرائيل".

مشيرة إلى أن هذه الضربات جعلت الشمال خالياً من المستوطنين، واستنزفت الموارد الإسرائيلية. وبشأن العملية البرية، قالت إن الهدف الإسرائيلي منها تمثل بإبعاد حزب الله وإيقاف هجماته، مشيرة إلى أنه بدلا من ذلك فإن حزب الله يزيد في حدة عملياته.

وذكرت أن "نيران حزب الله الصاروخية ارتفعت، بحيث تم إطلاق 200 صاروخ وقذيفة كل يوم خلال عطلة نهاية الأسبوع، و140 يوم الثلاثاء 22 أكتوبر، وفقاً للجيش الإسرائيلي.

وأضافت أن حزب الله يظهِر قدرته على إعادة التجمع بسرعة تحت الضغط. ونقلت عن محللين عسكريين قولهم إن "وحدات الحزب تدربت على العمل بدرجة معينة من الاستقلالية، الأمر الذي يجعل من الأسهل عليها الاستمرار في القتال حتى عندما يقتل كبار القادة، ويتم تعطيل الاتصالات الداخلية".

ويوم السبت 26 أكتوبر نصح حزب الله في مقطع مصور سكان أكثر من عشرين “مستوطنة إسرائيلية على إخلائها فورا”، قائلا إنها أصبحت أهدافا مشروعة.

وجاء في بيان حزب الله “مستوطناتكم تحولت إلى مكان انتشار واستقرار لقوات العدو العسكرية التي تهاجم لبنان. بفعل ذلك، أصبحت أهدافا عسكرية مشروعة للقوة الجوية والصاروخية في المقاومة الإسلامية”.

وأصدرت الجماعة تحذيرا مماثلا في تسجيل مصور على تيليغرام لعدد محدود من المناطق في هضبة الجولان السورية التي تحتلها إسرائيل.

 

خطة دفاعية

 

أكدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية في تقرير لها يوم 24 أكتوبر، أن حزب الله ينفذ خطّة دفاعية في الحرب ضد الجيش الإسرائيلي، ولاسيما عند الحدود، مشيرة إلى أنها الخطة نفسها، التي تحدث عنها الأمين العام للحزب حسن نصر الله.

وأقرت الصحيفة، في مقالٍ لمحللها العسكري رون بن يشاي، بأن حزب الله يعرف كيف يرصد المباني التي تقيم فيها قوات إسرائيل، أو تلك التي تستخدم مقار لـ"الجيش" الإسرائيلي، ويستفيد من الرصد.

وبينت أن حزب الله يشغل وسائل التجميع ليلا نهارا، ويكتشف القوافل اللوجستية التي تتحرك في مناطق معرضة للمراقبة قرب القرى اللبنانية، ويحدد تجمعات الجيش الإسرائيلي بالقرب من الحدود عند الخط الثاني.

وأضافت أنّ الحزب يتمركز في الخط الثاني من القرى والتلال، والذي يبعد نحو 5 كيلومترات عن الحدود، ومن هناك يجمع معلومات استخبارية عن قوات الإسرائيلية، ويحدد الأهداف.

وتابعت أن مجموعات حزب الله توجد في الميدان، ومهمتها الرئيسة أسر جنود إسرائيليين وإيقاع القتلى بينهم، مشيرة إلى أنّ قوات حزب الله تخرج من الأنفاق وتلحق أضراراً بقوات الجيش الإسرائيلي.

وذكرت الصحيفة أنّه، في حرب يوليو 2006 استخدم الحزب بصورة أساسية قذائف "الهاون" والصواريخ المضادة للدبابات، وأحيانا استخدم "أقل من ذلك"، لتدمير المباني التي كان يقيم فيها الجنود الإسرائيليون، وأصابت الصواريخ أهدافها، معترفةبتطور قدرات الحزب وتزايد استعداده للحرب وأنواعها.

وفي هذا السياق، قالت الصحيفة إنّ "حزب الله يتمتع بالقدرة على إطلاق صواريخ "ألماس" المضادة للدبابات، بحيث يستطيع توجيهها بدقة كبيرة إلى هدفه، عبر استخدام آلية توجيه بصرية مثبتة في الجزء العلوي من الصاروخ".

وأوضحت الصحيفة أن اتجاه حزب الله إلى المحافظة على قدراته، يتجلى في قوات الخطوط الأمامية، بحيث يواصل القتال، وهو ملموس أيضاً في وابل الصواريخ والطائرات من دون طيار، والتي تستهدف "العمق الإسرائيلي".

وشرحت "يديعوت أحرونوت" أن الحزب انتقل مما وصفته بـ "هجمات رد فعل" إلى "نيران ذات استهداف أوضح، ورامية إلى تحقيق أهداف"، مشيرة إلى أن في حوزة الحزب عددا كبيرا من الأهداف العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي.

وكان مسؤول في الجيش الإسرائيلي قد أقر بأن "حزب الله خصم هائل"، مؤكدا أنه تحول من "منظمة" إلى جيش، وفق ما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

وأضاف المسؤول الإسرائيلي أن "مقاتلي حزب الله أصبحوا أفضل تدريباً وأكثر خبرة بعد القتال في سوريا، وهم مسلحون بأسلحة أكثر تقدما مما كانوا عليه في عام 2006"، مشيرا إلى أن "هجماته الصاروخية والطائرات من دون طيار في اتجاه إسرائيل زادت على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية".

وبشأن القدرات الاستراتيجية التي يمتلكها حزب الله ويحتفظ بها، ذكرت الصحيفة أن الحزب "لم يكشف بعد عن الذخائر الأكبر والأطول مدى، وربما الأكثر فتكاً التي يمتلكها".

 

أثمان باهظة في الشمال

 

يوم الأحد 27 أكتوبر 2024 أكّد اللواء احتياط في الجيش الإسرائيلي، إسرائيل زيف، أن "حزب الله تعافى وعاد إلى وضعه الطبيعي، على الرغم من الضربات التي تلقاها، في إشارة إلى قتل عدد من قيادييه.

وذكر زيف إنه من الآن وصاعدا ليست هناك "إنجازات" بل يوجد تأكل وحرب استنزاف لـ"إسرائيل"، لافتا إلى إن "إسرائيل" تخسر دائما في مثل هذه الحروب أكثر من الأطراف التي تواجهها. 

بدورها، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن إطلاق النار من قبل حزب الله نحو قوات "الجيش" الإسرائيلي في جنوبي لبنان تزايد بشكلٍ كبير خلال الأيام الأخيرة، مشيرة إلى أن "علامات انتعاش حزب الله بدت واضحة، مع استمرار القتال العنيف في جنوبي لبنان".

من ناحيته، قال العقيد احتياط في "الجيش" الإسرائيلي، جاك نيريا إنّ "المقاتلين في لبنان يسمحون للجيش الإسرائيلي بالتقدم تمهيدا لمهاجمته وإيقاعه في كمائن".

وكشف نيريا أن "الكثير من الأنفاق في جنوبي لبنان عبارة عن أفخاخ".

بدورها، أقرت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الواقع صعب في الشمال ويجبي أثمانا باهظة جدا، إذ قتل نحو 13 جندياوضابطا خلال يومي عيد فقط غالبيتهم في لبنان.

من ناحيته، صرح مدير مستشفى "زيف" الإسرائيلي في مدينة صفد المحتل، سليمان زرقا بأن "الساحة العسكرية في الشمال مع لبنان نشطة جدا، وعدد الإصابات فيها كبير".

 

التسويات

 

تعثر العمليات العسكرية الإسرائيلية على مختلف الجبهات دفعت بعض الأوساط إلى ترجيح فرص التوصل إلى هدنة ولكن محللين آخرين يرون أن هذا الأمر لا يزال صعب المنال حاليا. 

استبعد نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، هنري إنشر، الأحد 27 أكتوبر في تقرير نشر في واشنطن، إمكانية نجاح أي جولة حالية من المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، وقال في مقابلة مع قناة "الحرة"، إن المقترحات الجديدة التي تهدف إلى وقف قصير الأمد لإطلاق النار مقابل الإفراج عن عدد محدود من السجناء الفلسطينيين تفتح المجال لبعض الاحتمالات، لكنها تصطدم بجمود في المواقف السياسية سواء في الولايات المتحدة أو إسرائيل.

ونقلت وكالة رويترز الأحد عن مسؤول مطلع أن مدير المخابرات المركزية الأمريكية ورئيس جهاز الموساد الإسرائيلي ورئيس الوزراء القطري اجتمعوا الأحد في الدوحة لبدء مفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق جديد قصير الأمد لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وأضاف المسؤول أن المحادثات تهدف إلى إقناع إسرائيل وحماس بالموافقة على وقف القتال في قطاع غزة لمدة تقل عن شهر، على أمل أن يؤدي ذلك إلى اتفاق أكثر استدامة.

لكن إنشر أعرب عن تشاؤمه إزاء إمكانية نجاح هذه الجهود، وقال إن إسرائيل بقيادة رئيس الوزراء نتنياهو لا تمتلك حافزا سياسيا كافيا للمضي قدما نحو وقف إطلاق النار، إذ تواجه حكومة نتنياهو ضغوطًا معاكسة من داخل تحالفه الذي يدعو لتكثيف الإجراءات العسكرية في غزة، فضلا عن التعامل مع التهديدات من جانب إيران.

وأضاف إنشر أنه لا يرى أي ميل من جانب حماس للإفراج عن الرهائن، رغم أن ذلك قد ينهي الأزمة الإنسانية والسياسية الراهنة".

وفي ما يتعلق بمدى تأثير مقتل قائد حماس، يحيى السنوار، على المفاوضات، أشار إنشر إلى أن هذا التطور قد يزيد من صعوبة اتخاذ القرار داخل حركة حماس، إذ أن تغييرات القيادة المفاجئة تتسبب عادة في إرباك عمليات صنع القرار.

وتوقع أن تكون هذه العقبات أكبر مع احتمال وجود تعليمات أصدرها السنوار قبل مقتله، مشيرا إلى قلقه بشأن مصير الرهائن، حيث يعتقد أن بعضهم قد يكون قد قتل.

وبعد أقل من أسبوع على توليه منصبه، عقد رئيس المخابرات المصرية الجديد، حسن رشاد، اجتماعا، الأحد، مع رئيس الشاباك، رونين بار،، حسبما ذكر موقع أكسيوس.

وخلال اللقاء اقترح المصريون، بحسب ما نقله أكسيوس عن مصدر وصفه بالمطلع على المحادثات، البدء بـ "صفقة صغيرة" تتضمن إطلاق سراح عدد محدود من الأسرى المحتجزين لدى حماس، مقابل أيام قليلة من وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح سجناء فلسطينيين.

وأخبر رئيس المخابرات المصري بار أن "الصفقة الصغيرة" ستتبعها مفاوضات متجددة حول اتفاق أشمل للرهائن ووقف إطلاق النار. 

وأيد وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الفكرة المصرية بينما عارضها الوزيران القوميان المتطرفان، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.

وصرح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الأحد إنه يجب تقديم "تنازلات مؤلمة" لتأمين استعادة الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، مشيرا إلى أن العمليات العسكرية وحدها لن تحقق أهداف الحرب.

وطرح إنشر بعض السيناريوهات التي قد تضطر إسرائيل إلى النظر فيها ضمن إطار التنازلات "المؤلمة" التي قد تكون شرطاً للإفراج عن الرهائن.

ووفقاً له، قد تشمل هذه التنازلات السماح بنوع من الحكم الذاتي الفلسطيني في بعض المناطق، والإفراج عن أعداد كبيرة من السجناء الفلسطينيين، وتقليص الأنشطة الأمنية الإسرائيلية في الضفة الغربية، بالإضافة إلى السماح لبعض الفلسطينيين بالعودة إلى مناطق شمال غزة، وربما إمكانية السماح لبعض قادة حماس بمغادرة غزة كجزء من اتفاق شامل.

 

عمر نجيب

[email protected]