بمناسبة ما تدعونه الاستقلال الوطني الثالث والستون !! 

أربعاء, 2023-11-29 20:00

لقد كنت أتمنى لو كان هناك استقلال وطني حقيقي على أرض الواقع لنفرح فيه وبه معا وبكل مشاعرنا ! ولكنه في الحقيقة إذا ماتم تصنيفه من طرف هيئة قانونية مختصة 
فستعتبره مجرد استقلال داخلي ناقص مقارنة بغيره من الاستقلال الخاص بالدول الاتحادية ضمن الدولة المركزية 
ولكوننا قد كنا مستعمرين أصلا من طرف دولة واحدة فقد صرنا الآن مستعمرين من طرف ثلاث دول كل منها تأخذ جزءا من سيادتنا بقدر مالديها من حجم سياسي واقتصادي ! 
وبالتالي وفي هذا اليوم الذي بعضنا مازال يسميه استقلالا وطنيا أقول لهم بأننا قد أصبحنا مثل ( حطاب الدشرة ) الذي تعرفون قصته تلك المتمثلة لدينا في أمرين :فالأول يتعلق بما تدعونه اصلاحا للتعليم ، والثاني وذلك الأهم فهو يتعلق بانتقاص سيادتنا الوطنية وعلى أرضنا ! 
أولا فإصلاح التعليم والأولى أن نسميه إفساد التعليم بل فهو تدميره وذلك لكونه وقبل محاولة اصلاحه فقد كان فاسدا وذلك بهدر امكانيات الدولة في مجال تعليم لغة أجنبية تحتكر لنفسها وحدها ذلك الجانب العلمي من تعليمنا ، مما قد يكلف مزانية التعليم ثلثيها في حين فالتلميذ في ذلك التعليم الفاسد سيحتاج ربما إلى عشر سنوات لكي يستوعب بتلك اللغة دروسه إن كان سيفهمها فعلا بالقدر الكافي ، وبشكل مرض مثل ما لو كان قد أنفق كل تلك المدة في الدراسة بلغة أمه !
ومكمن حطاب الدشرة هنا فهو كون الدولة الموريتانية وفي إطار ما تسميه المدرسة الجمهورية الاسم على غير مسمى ! تنوي اثقال أدمغة الأطفال بإضافة تدريس ثلاث لهجات لم يسبق لأي منها أن درست حتى في تلك الدول الناطق معظم شعوبها بتلك اللهجات ! وربما تضاف إلى ذلك تدريس لغة السياسة والاقتصاد ( الانجليزية ) وربما  أيضا تضاف لغة الصينيين التي أصبحت شبه عالمية في مجال التجارة الدولية على الأقل ، ولم لا !
أما تجليات حطاب الدشرة فيما يتعلق بالسيادة الوطنية 
فهو كوننا كنا نعاني من انتقاص لسيادتنا الوطنية المتمثل في فرض لغة المستعمر علينا وذلك رغم فقر دولتنا فإن مايقارب من نصف دخلها الوطني ينفق على تعليم تلك اللغة الفرنسية وما يتعلق بها ، وما لتأثير ثقافة وحضارة المستعمر على شعبنا الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من مسخ خصوصيته الوطنية ! بل وحتى لربما اجتذاذها من جذورها لا قدر الله ! بالإضافة إلى تأثير كل ذلك على قرارنا السياسي . ويضاف إلى كل ما قد سبق فهو دخول دولتان عربيتان على خط الإنتقاص من سيادتنا  الوطنية وهما للأسف المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية أيضا اللتان أصبحتا تدخلهما المقزز في السيادة الوطنية ماثلا ولم يعد خافيا على أحد وذلك يتم بشراء ضمائر قادتنا الشيئ الذي جعَل  تدخلهما متناميا سياسيا واقتصاديا ! وما قطع علاقاتنا الدبلوماسية مع دولة قطر إلا أمرًا صادرا من تلكما الدولتين ، وذلك إبان حصارهما الظالم للدولة القطرية  ! ويضاف إلى ذلك أيضا إستلاء الإمارات على مطارنا الدولي الذي يعد جزءا من سيادتنا  الوطنية ، وكذا إجهازها على شركتنا الوطنية للخطوط الجوية والتي حتى وإن كانت بسبب الفساد في حالة موت سريري ! 
ولاشك أن قارئ هذا المقال إن كان يستحق أن يقرأ أصلا قد يتساءل  عما هي الأسباب التي أوصلت بلادنا إلى هذا المستوى من الضعف والخور اللذين جعلانا نبصم على ما يملي علينا الآخون مهما كان ذلك الذي يملي علينا إرادته حتى ولو كان هو الآخر ربما يملى عليه من خارج حدوده !
والجواب ببساطة منقطعة النظير فهو كون نظامنا الحالي السياسي منذ أصبح الحكم في بلادنا متداولا بين الضباط العسكريين محدودي المعرفة والتجربة والذين يشعرون دائما بانعدام مشروعية ممارستهم للحكم ، الشيئ الذي جعل ذلك المستعمر القديم يسلط عليهم أذنابه من كل ( لافكفونين ) الذين ما فتئوا يلهبون ظهور أولئك الحكام بسوط غياب العدالة وكذا تكافئ الفرص بين المواطنين مستخدمين في سبيل ذلك الشعور لدى بعض الأقليات وكذا الفئات الاجتماعية بأنهم هم الأصل والآخرون مجرد غرباء وافدون لا جذور لهم هنا والذين قد تربعوا -ظلما وعدوانا -على عرش بلادهم ، وذلك في الوقت الذي فيه  الحاضنة الاجتماعية لأولئك العسكريين مبعدين كليا وربما مستعاض عنهم ببعض الأقارب و الأصحاب وحتى الأصهار ! والبقية فلربما قد تضيق عنها مساحة الدولة الموريتانية والبالغة ما يقارب المليون وثمانون كلم2 !وليس أمامها من فرصة للحياة الكريمة أي تلك البقية - سوى الهجرة ولو إلى المجهول !! 
وفي الختام وفي إطار ما قد سبق الحديث في شأنه فإني أشفق على السيد وزير التهذيب الوطني الذي قد يلحق بتاريخه الأبيض الناصع - حتى الساعة حسب علمي - عار إصلاح ذلك التعليم الذي قد ولد خديجًا ميتا وذلك جراء ما قد سبق ذكره تفصيلا ، و كذا ما قد يستنبط من بين سطور هذا المقال الذي لم يف -قطعا -بشرح ما سبقت إثارته من طرفي من مواضيع ولا ماتمت الإشارة مني إليه ! 
    
ذ/ إسلمو محمد المختار