محمد النوباني: بصراحة… ميوعة الموقف الروسي وتردد محور المقاومة يطلقان يد اسرائيل في سوريا!

أربعاء, 2019-07-03 00:37

لاحظ المراقبون السياسيون أن الغارة الجوية والبحرية التي شنتها اسرائيل ليل الاحد الاثنين على سوريا من الاجواء والمياه الاقليمية اللبنانية وهي الاقوى والاعنف منذ عدة سنوات حسب مصادر اسرائيلية قد جاءت مباشرة بعد انتهاء الاجتماع الامني الثلاثي الذي عقد في القدس المحتلة بين مستشاري الامن القومي في روسيا والولايات المتحدة الامريكية واسرائيل كرس حسب ما أعلن لبحث مستقبل التسوية السياسية في سوريا ومستقبل الوجود العسكري الايراني فيها الامر الذي يشي بان من أمر بشن تلك الغارة اراد ان يؤكد او على الاقل ان يوحي بأنها جاءت ترجمة لمخرجات الاجتماع..

ولكن قبل ان نضع هذه القضية على مشرحة التحليل لا بد من الاشارة الى انه لا يجوز لروسيا وهي حليف لسوريا ان تشارك في اجتماع أمني او سياسي مكرس لبحث مستقبل الأوضاع والتسوية السياسية في سوريا لعدة اعتبارات اولها ان الحرب في ذلك البلد لم تضع أوزارها بعد وثانيها لان الاجتماع تم من وراء ظهر أصحاب الشأن وهم الدولة السورية وثالثها ان اي اجتماع من هذا النوع كان يجب ان يتم بحضور الامم المتحدة بصفتها المخولة بصيانة الامن والسلم الدوليين ،ورابعها انه يتجاهل حقيقة مهمة وهي أن اسرائيل التي تطالب بخروج المستشارين الايرانيين من سوريا والذين جاؤوا الى هناك بطلب من حكومتها الشرعية هي دولة تحتل كامل فلسطين التاريخية و هضبة الجولان السورية المحتلة بموجب وعد الاهي مزعوم ووعد ترامب المافون.

واذا انتقلنا مما هو جوهري الى ما هو تفصيلي فان اجتماع القدس وبصرف النظر عن بعض المواقف الإيجابية التي اكد عليها مستشار الامن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف مثل تأكيده على أن الغارات الاسرائيلية على سوريا غير مرغوب بها وبان اية تسوية في سوريا يجب ان تاخذ بعين الاعتبار مصالح ايران ايضا الا ان هذه التأكيدات تصبح بلا فائدة ولا قيمة لها عندما يؤكد المسؤول الامني الروسي على أن بلاده تتفهم المخاوف الامنية التي يبديها قادة الاحتلال بسبب التواجد الايراني وتواجد قوات حزب الله اللبناني هناك .

فهذه المواقف المتناقضة وحماية الأوجه تفسر في اسرائيل ومن قبل نتنياهو تحديدا على انها ضوء اخضر لاسرائيل للقيام بمهاجمة اهداف سورية او اهداف في سوريا تارة تحت لضرب التموضع الايراني وتارة اخرى لمنع وصول اسلحة كاسرة التوازن او صواريخ دقيقة لحزب الله.

وما يثير الريبة والشك ان القيادة الروسية التي تتعامل بندية مع الولايات المتحدة الامريكية وتخوض مع الصين حربا اقتصادية لكسر هيمنة الدولار الامريكي على الاقتصاد العالمي وترسل منظومات دفاع جوي وطائرات حربية ومستشارين الى فنزويلا لمنع سقوط نظامها الثوري المعادي للامبريالية الامريكي عندما يصل الأمر إلى اسرائيل وضرورة وضع حد لعربدتها التي تهدد المصالح الروسية في سوريا ومصلحة حلفائها السوريين والإيرانيين واللبنانيين(حزب الله) فانها تترك لنتنياهو ان يتحدث باسمها وكأنه الناطق بلسان الكرملين

وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن رئيس الوزراء الاسرائيلي بن يامين نتنياهو نفى ضمنا في تصريحات نقلتها عنه جريدة (اسرائيل هيوم) ما قاله مندوب روسيا الى الاجتماع الامني الثلاثي وقال بالحرف الواحد بانه تم التوصل في اجتماع القدس الى اتفاق على اخراج القوات الايرانية من سوريا لكن الخلاف مع الروس حول كيفية تنفيذ ذلك

ولا اريد في هذا السياق ان أتطرق تفصيلا إلى سبب او اسباب هذه الليونة الروسية في التعامل مع اسرائيل، وهل هي بسب علاقات شخصية تربط نتنياهو ببوتين؟ ام هل لها علاقة بوجود لوبي صهيوني قوي وله تأثير كبير على دوائر صنع القرار السياسي في الكرملين؟ او هي ناجمة عن رغبة روسية في التحايل على اسرائيل لكي لا تعرقل المساعي الروسيةو السورية لتحرير محافظة ادلب ولكنني اريد القول بان هنالك تناقضات واضحة في مواقف روسيا ازاء الازمة السورية تسيئ الى الدولة السورية من ناحية وتعيق جهود مكافحة الإرهاب من ناحية ثانية.

ولعل اكبر دليل على ما اقول ما ذكرته اليوم صحيفة (ازفستيا) الروسية من ان تركيا سوف تقوم بنصب منظومات صواريخ ال اس-300 التي ستتسلمها في غضون ايام قليلة على الحدود مع سوريا، الامر الذي سيحد من مقدرة الجيش السوري وحلفائه عل تحرير الاراضي السورية التي تحتلها تركيا والعصابات الارهابية الموالية لها في الشمال السوري .

وهذا الوضع الخطير في جنوب وشمال سوريا لا يمكن وضع حد له الا بتفعيل قوة الردع التي يملكها محور المقاومة في مواجهة اسرائيل وتركيا لانه بدون ذلك لا يمكن تصويب وتفعيل الموقف الروسي الضروري لاستكمال المهمة في سوريا.

فاسرائيل وتركيا مثل الولايات المتحدة الامريكية لا يمكن ان يردعهما سوى اسقاط طائرة او تثبيت المعادلة الغزاوية الحوثية مطار بمطار وموقع بموقع او قصف بقصف.

محمد النوباني/ كاتب فلسطيني