"سِيًاسِيُو المَاءِ الفُرَاتِ" المختار ولد داهي،سفير سابق.

خميس, 2016-05-26 04:55

حدثتُ أحد أولي الطول في  الخبرة والتجربة السياسية الوطنية عن استغرابي من  السلوك السياسي لبعض الأقوام الذين يمضون السنوات تلو السنوات في  عضوية الهيآت القيادية للأحزاب السياسية الكبيرة و الفاعلة دون أن يسجلوا موقفا علنيا واحدا  قاطعا من مستجدات المشهد الوطني حتي في فترات "الزحف" والتجاذب السياسي  عَالِيِ درجة السخونة  و الخشونة و الاستقطاب،....!!
فأخبرني "صاحب الخبرة" أن هؤلاء الأقوام من السياسيين موجودون بقطبي المعارضة و الموالاة و إن كانوا أكثر تواجدا و أشد صمتا و أوفر حشمة و حياء في صفوف الموالين و أنهم بسلوكهم السياسي  هذا يحرصون علي اتخاذ مواقف "باردة"،كالماء البارد الفُرَاتِ، لا تنفع حليفا مواليا و لا تضر خصما معارضا حتي يكون في مِكْنَتِهِمْ المَيَلاَنُ مع رياح السلطة و القوة و النفوذ حيث مالت.!!
 و زاد محدثي بأن "المواقف الباردة" لهذا الصنف من السياسيين  تجعلهم أشبه بما يعرف في التراث الفرنسي"بأطباء الماء البارد الفرات" "Les Medecins d’Eau Douce "الذين يمكن اختصار تعريفهم " بانهم الأطباء الذين يعالجون المرضي بأدوية محايدة لا تنفع و لا تضر" كما كان بعض الأطباء القدامي يعالج  المرضي من الأمراء-حذرا من الخطإ الطبي- "بالماء العذب  الفرات" الذي و إن كان لا يشفي فإنه لا يزيد المرض.!!
و يصنف الكثير من المعلقين "سياسيي الماء الفرات" في خانة "النفاق الأصغر" و "التًقِيًةِ الصغري"  تمييزا لهم عن فئة "النفاق الأكبر" و "التقية الكبري" التي تُنْمَي إليها زمرة المداحين مِلْءَ حناجرهم و "المصفقين بأيديهم و أرجلهم" الذين أثبتت التجارب أنهم لا يجدون حرجا من الدوران مائة و ثمانين درجة مع دوران عقارب ساعة  السلطة والنفوذ و النقود.!!!
و سعيا إلي محاربة ظاهرة "سياسيي الماء الفرات" التي تستبطن و تُبَيِتُ نيات الجاهزية "للترحال الحزبي" و "الولاء الموسمي" و "الجشع السياسي"  فلعله من المناسب في أفق الحوار السياسي المقبل -الذي أفتأ أكرر صلاتي و دعائي أن يكون إجماعيا و أن يكون موطأ المواضيع- اقتراحُ تعديلات علي القانون المنظم للأحزاب السياسية علي النحو التالي:-
أولا:  اشتراط تغيير الخط السياسي للأحزاب ( من الموالاة إلي المعرضة أو العكس) بموافقة ثلاثة أخماس(،60%) الهيئة المداولة للحزب تعسيرا لشروط الترحال من قطب سياسي إلي آخر و ترسيخا لثقافة المغالبة  و التنافس الديمقراطي ؛
ثانيا:تحريم الانتساب إلي الهيآت القيادية لأحزاب أخري علي المسؤولين الأول للأحزاب( الرؤساء أو الأمناء العامون أو ما يعادلهم) لمدة ثلاث سنوات ابتغاء تشجيع  الاحترافية و التمهين السياسي؛
ثالثا:حظر العمل السياسي الحزبي علي أعضاء الهيآت التنفيذية الحزبيةالمستقيلين من أحزابهم لمدة سنة كاملة و ذك تشجيعا لاستقرار  المؤسسات الحزبية و كبحا "للولاء الموسمي" و "الانتجاع السياسي"؛
رابعا:اشتراط انتساب المنسحبين من الهيآت القيادية الحزبية الجهوية أو المقاطعية إلي أحزاب أخري بتعهد مكتوب بعدم الانسحاب من الحزب الجديد لمدة لا تقل عن نصف العهدة البرلمانية أو البلدية.