
رسائل عديدة اطلقها الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني من الحوض الشرقي تطرق فيها أولا لهدف الزيارة وهو إطلاق مشاريع تنموية جديدة تستهدف البني التحتية في التعليم والصحة والطرق والزراعة وذلك لتعميم النفاذ إلى الخدمات الضرورية ( البرنامج يشتمل علي مبالغ مالية كبيرة ما يناهز 260 مليار أوقية قديمة )
تميزت لقاءاته مع السكان بـالوضوح والمباشرة في طرح المشاكل التي تواجه السكان أبانت تلك اللقاءات عن إطلاع وبُعد نظر عكس ما يروّجُ له البعض ، فقد تحدث الرئيس عن مشكلة ندرة المياه في الولاية ، وعن نقص البني التحتية الخاصة بالتعليم والصحة والكهرباء، وعن تحديات الأمن وتدني مؤشرات التنمية
وفي رده علي مداخلات سكان تلك المدن تعهد الرئيس بمعالجة تلك الاختلالات من خلال إجراءات ملموسة بعضها سيتضمنه البرنامج الاستعجالي الذي هو سبب الزيارة ومن خلاله سيتم إنجاز مشاريع في البني التحتية، ومضاعفة إنتاج مشروع أظهر للمياه وتزويد عشرات القرى بالكهرباء وتشييد السدود والحواجز المائية وبناء الفصول الدراسية .
وفي كل المحطات كان الرئيس يحث الشباب على العمل واستغلال الفرص التي ستتيحها هذه المشاريع التنموية وعبّر عن إحباطه من عزوف الشباب عن العمل رغم شكواهم من البطالة في ظل وجود الورشات التي تم إطلاقها من قبل وحذر من استفادة الأجانب من فرص العمل التي يخلقها الاقتصاد الوطني في حين يشتكي أبناء الوطن من غياب تلك الفرص .
تميزت زيارة الرئيس برسائلها المتنوعة والتي خص كل محطة من محطات جولته في الحوض الشرقي بواحدة من تلك الرسائل التي أراد الرئيس إيصالها للداخل أو تلك التي كانت تهم الخارج وأستأثرت كل مقاطعة من مقاطعات الحوض برسالة وبخطاب قد يوصف بالخطاب التاريخي مع كل وقفة .
ففي انبيكت لحواش مثلا دعي الرئيس المواطنين الي الابتعاد عن القبلية ونبذ كل أشكال التفرقة وحذر الوزراء والمدراء من حضور الاجتماعات القبلية وأكد الرئيس أنه لن يكون هناك أي تساهل بعد اليوم مع أي استخدام للقبيلة أو الجهة أو الشريحة فهي - يقول الرئيس- ممارسات منافية لمبادئ الدولة الوطنية، ودعي النخبة إلى المساهمة في التوعية وإظهار الجوانب السلبية للقبلية والجهوية والتعصب الضار بالوطن
محطة باسكنو خصصها الرئيس للإشادة بالجيش وقوات الأمن وطمأنة المواطنين علي أن الأمن في أولوياته ودعي المواطنين إلى اليقظة الدائمة لمؤازرة الجيش وقوي الأمن في الحفاظ على الأمن وأشار الي الظروف الأمنية المضطربة التي شهدتها دولة مالي المجاورة ودعاهم إلى تقاسم مواردهم مع الجار الذي يمر بظرف استثنائي مذكرا بالروابط التاريخية التي تجمع البلدين وقال بأن الموريتانيين يتفهمون هذا الظرف و شكر سكان الحوض علي تقديم الدعم والمساندة للشعب المالي وهو عمل غير مستغرب منهم ، وأكد الرئيس على حضور الدولة الموريتانية على حدودها مع مالي في ظل الظروف الإقليمية الدقيقة، داعياً إلى مؤازرة الجارة مالي والتأكيد على العلاقات التاريخية الممتازة بين البلدين
في محطة عدل بكرو أشاد الرئيس بالأسرة التربوية وذكر بأن التعليم هو حجر الأساس لأي عملية تنموية وشدد على أن مشروع "المدرسة الجمهورية"، الذي تم اعتماده قبل أربع سنوات، هو مشروع وطني جامع يهدف لترسيخ أسس تعليم جيد ومكافحة الظواهر السلبية كالشرائحية والقبلية والجهوية مؤكدًا حرص الدولة على تحسين أوضاع المعلمين وتوفير الظروف المناسبة لهم لأداء مهامهم، ووجه نداء إلى النخب الثقافية والسياسية والإعلامية والاقتصادية للقيام بهبة وطنية تجعل المدرسة في قلب الاهتمامات .
أما محطة مقاطعة تمبدغة فقد تميزت بأنها محطة سياسية بامتياز شدد الرئيس فيها على ضرورة وضع حد للشائعات والتأويلات التي تحاول إضعاف وحدة الشعب وتصرف الأنظار عن الإنجازات التنموية.
وذكر بأن الحديث الآن عن استحقاقات 2029 سابق لأوانه ووصفه بأنه مضيعة للوقت، مؤكدًا أن من يفكر بذلك لن يحقق هدفه من ذلك ، ودعي الطبقة السياسية إلى تعزيز الحكامة السياسية وتطوير النظام الديمقراطي في البلاد و طرح الرئيس تساؤلات جوهرية واعتبرها مواضيع يجب علي النخب السياسية في البلاد مناقشتها والتفكير حول أدوار وجدوى المؤسسات الدستورية الحالية مثل : البرلمان وهل نحن بحاجة لإعادة مجلس الشيوخ و تساءل عن دور كل من المجلس الاقتصادي والاجتماعي وهيئة الفتوى والمظالم وعن دور المجالس الجهوية والبلدية وهل المنظومة الانتخابية الحالية تضمن انتخابات شفافة إلخ ….
الخطاب في تمبدغة كان سياسيا وواضحا - وربما اختار الرئيس محطة تمبدغة لعدم ظهور أي مرشح منها يتطلع للمشاركة في الانتخابات الرئاسية القادمة-وكان الرئيس يهدف من خلاله الي ضبط أولوياته التي علي رأسها الوفاء بتعهداته الانتخابية دون التشويش عليه بالحديث عن الانتخابات الرئاسية وهو لايزال في بداية مأموريته .
وفي المجمل الزيارة كانت مهمة وقد توصف بكونها زيارة تاريخيّة لما أتسم به رئيس الجمهورية من الصراحة في الطرح بلغة سليمة وافكار مرتبة ملما بمجمل ملفاته السياسية والاقتصادية والأمنية معترفا بالإخفاقات والنواقص التي حصلت في بعض البرامج مشددا علي ضرورة الابتعاد عن الممارسات القبلية الخاطئة داعيا النخبة الي نبذ تلك الممارسات السلبية رافضا وبقوة القبول بالتشويش على مأموريته وذلك بالحديث عن استحقاقات لا تزال بعيدة محذرا من الخوض فيها وبلغة صارمة لا شك ستنهي الجدل الذي كان دائرا خصوصا داخل الأغلبية الداعمة له .
الأستاذ الدد سيدي عبد الله









