
يسود اعتقاد لدى الجزء الأكبر من مخططي سياسيات وإستراتيجيات البيت الأبيض ومثلهم في الأنظمة المساندة لتل أبيب أو التي تخضع لإملاءات الحركة الصهيونية العالمية وأنصارها في المركب الصناعي العسكري الغربي، أن الظروف أصبحت متاحة لحسم فصل الصراع الذي بدأ في 7 أكتوبر 2023 بمعركة طوفان الأقصى لصالح الغرب خلال الأشهر القليلة القادمة، وبذلك يمكن للتحالف الذي يشكل حلف الناتو جوهره تأمين هيمنته على منطقة الشرق الأوسط المركز بعد التخلص من كل معارضي مشروع إسرائيل الكبرى وبالتالي ضمان تشكيل طوق حصار على روسيا على جناحها الجنوبي الغربي والسيطرة المطلقة على نفط المنطقة والطرق التي تعبرها وتربط بين آسيا وأوروبا، ثم نقل ثقل المواجهة إلى آسيا لمنع استمرار صعود الصين وشل جهود تعديل النظام العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية منذ انهيار الاتحاد السوفيتي نهاية تسعينات القرن العشرين.
التحالف الغربي المساند لتل أبيب يرى أنه لا تزال هناك عقبات يجب التغلب عليها قبل الوصول إلى الهدف المنشود.
1- اخضاع غزة بشكل كامل وتصفية المقاومة فيها مما يسمح بتطبيق خيارات أخرى ومنها تهجير سكانها، وتصفية القضية الفلسطينية.
2- نزع سلاح حزب الله في لبنان وتجريد بيروت من قوة الردع التي منعت إسرائيل من التوسع شمالا منذ طردها من جنوب لبنان.
3- تصفية أوتفتيت أي قوة إقليمية يمكن أن تشكل تهديدا خلال الزمن المنظور للتفوق العسكري الإسرائيلي وقدرة تل أبيب على فرض إرادتها على المنطقة. إيران وتركيا ومصر في مقدمة هذه القوى.
4- العمل على إعادة رسم حدود دول منطقة المركز حسب ما سمي مشروع الشرق الأوسط الكبير القاضي بتقسيم دول المنطقة إلى أكثر من 46 كيانا على أسس عرقية ودينية ومناطقية وقبلية.
العراقيل التي تواجه المخطط الغربي الإسرائيلي، تبدأ بكيفية تحقيق عملية تصفية غزة التي فشل الجيش الإسرائيلي في إنجازها حتى بعد 24 شهرا من حرب الإبادة حيث تتخبط المشاريع المطروحة وينهار في كل يوم أكثر برنامج الرئيس الامريكي ترامب حول هدنة غزة. في لبنان وحسب تقارير مختلفة استعاد حزب الله قدراته وأصبح ينتظر الظروف السياسية المناسبة لمواجهة إسرائيل. في اليمن تتعزز قدرات قوات صنعاء خاصة مع تكثف الدعم الروسي الصيني عسكريا وإقتصاديا. إيران ترفض أي تنازل عن قدراتها الصاروخية والنووية وتسد تدريجيا كل إمكانيات للتفاوض مع واشنطن أو الإتحاد الأوروبي. بالنسبة لإسرائيل يشكل الفشل في تدمير قدرات طهران تهديداوجوديا. بكين وموسكو تعززان دعمهما لطهران لتشكيلها أحد الأعمدة المهمة في تأمين نفط الخليج العربي ومشروع "مبادرةالحزام والطريق" الصيني.
الصراعات الدائرة في الشرق الأوسط وفي مناطق عديدة من القارة السمراء وفي أمريكا اللاتينية ووسط شرق أوروبا وفي بحر الصين الجنوبي وحول جزيرة تايوان مترابطة بشكل وثيق وهو أمر قد يغيب عن البعض.
وزير الحرب الأمريكي بيت هيغسيث كان واضحا في إظهار ذلك حيث وصف يوم السبت 8 نوفمبر 2025 اللحظة الراهنة في التاريخ العالمي بأنها "مشابهة للوضع في عام 1939" الذي سبق اندلاع الحرب العالمية الثانية، محذرا من تصاعد التهديدات العالمية.
جاء ذلك خلال فعالية عقدت في واشنطن، حيث قال هيغسيث: "لقد حلت لحظة شبيهة بما كان في عام 1939. أو، كما نأمل، كما كان في عام 1981. إنه وقت تتزايد فيه التوترات: الأعداء يتحدون، والتهديدات تتصاعد. أنتم تشعرون بذلك، وأنا أشعر بذلك".
وفي هذا السياق، أعلن هيغسيث ضرورة الاستعداد "لتجنب الحرب"، داعيا إلى إصلاح شامل في البنتاغون. ووفقا لكلماته، كانت الولايات المتحدة تستجيب "ببطء شديد" للتهديدات الخارجية سابقا، لكنه أكد أن "كل شيء سيتغير" إذا عمل جميع المعنيين حثيثا في أنشطة الوزارة وضمان القاعدة الصناعية الدفاعية.
يأتي هذا بعد أن أعاد الرئيس الأمريكي في بداية سبتمبر 2025 تسمية وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب مجددا، وهو الاسم الذي كان متعارفا عليه قبل عام 1947.
وبرر القرار بأنه "يعكس وضع الأمور في العالم"، فيما كان هيغسيث قد لاحظ سابقا أن الولايات المتحدة "لم تفز بأي صراع كبير" منذ تغيير التسمية الأصلية.
الأخطار والخيارات
أكد معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في ورقة له كشف عنها يوم الجمعة 7 نوفمبر 2025 أن على إسرائيل الاستعداد منذ الآن لمرحلة ما بعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأشارت الورقة إلى كل من سوريا وغزة وإيران ولبنان.
ذكرت الورقة التي أعدها معهد (INSS) أن تتبع استطلاعات الرأي تظهر الانخفاض الكبير والمطرد في دعم المواطنين الأمريكيين لإسرائيل، سواء بين عموم الجمهور أو على المستوى التشريعي مقارنة بالتعاطف مع الفلسطينيين في مستويات غير مسبوقة منذ 25 عاما.
واعتبرت الورقة أن الرئيس ترامب رئيس فريد من نوعه. وقد أثبت حتى الآن أنه مؤيد بحماسة لإسرائيل، ويقود سياسة خارجية تحويلية في الشرق الأوسط والساحة العالمية. وهنا تبرز أسباب متعددة تشير إلى أن إسرائيل لا يمكنها ببساطة أن تفترض أن مثل هذا الانحياز الأمريكي القوي لمصالحها وسياساتها سيستمر. وأضافت ورقة المعهد: "وفي ضوء التحولات الجارية في السياقات العالمية والإقليمية من الضروري النظر في أهداف السياسة التي ينبغي لإسرائيل أن تضعها لعلاقاتها مع واشنطن خلال ما تبقى من ولاية الرئيس ترامب الثانية".
إن تدخل ترامب في أمن إسرائيل، ولا سيما الخطة التي قدمها لإنهاء الحرب في غزة، يعدان مؤشرين على علاقة قوية وعميقة بين إسرائيل والولايات المتحدة. قد يقول البعض إنها عميقة جداً – لدرجة أن إسرائيل كادت تصبح محمية أمريكية. لكن تحليل الاتجاهات الطويلة الأجل يشير إلى تطورات صعبة في العلاقات الإسرائيلية-الأمريكية.
الولايات المتحدة تشهد تغييرات داخلية جوهرية
الحقيقة هي أن الولايات المتحدة تشهد تغييرات داخلية جوهرية، تماماً كما هو الحال في المجتمع الإسرائيلي. العلاقات بين الطرفين تتأثر بعمق بهذه التغيرات، وهي تغييرات ديموغرافية واجتماعية وسياسية. بشكل عام، الصوت التقدمي-المتطرف يزداد قوة داخل الجناح اليساري في النظام السياسي الأمريكي.
وهذا الاتجاه المتطرف يسعى إلى التكفير عن خطايا الآباء المؤسسين (استعباد السود وقتل السكان الأصليين) من خلال النهوض بالضعفاء والمستغلين، وعبر الاشتباه العميق (بما في ذلك الذاتي) تجاه البيض و"المتمتعين بالامتيازات". ووفقاً لهذه الرؤية، ينظر إلى دولة إسرائيل على أنها رمز للاستعمار الأبيض القوي والمستغل في علاقته بالشعب الفلسطيني الضعيف المظلوم والمستغل.
الإنجيليون البيض
لا يزال الإنجيليون البيض من المؤيدين المتحمسين لإسرائيل، لكن الدراسات تظهر انخفاضا مطردً في قوتهم ونسبتهم بين السكان. هذه الجماعة تتقلص. والخلاصة: يجب اغتنام نافذة الفرصة الفريدة التي يوفرها رئيس استثنائي. طالما أن الرئيس ترامب في البيت الأبيض، فإن إسرائيل لديها فرصة عظيمة للتنسيق مع واشنطن حول السياسة المطلوبة لتشكيل الشرق الأوسط من جديد.
استراتيجية ذات مستويين تجاه إيران: ضغط اقتصادي قد يزعزع استقرار النظام، لكن هدفه الحقيقي هو دفع إيران للتوافق على صفقة نووية أفضل من سابقتها. وإذا بقي النظام الإيراني سليماً، فيجب استخدام نهاية ولاية ترامب لصياغة اتفاق نووي أفضل من السابق، يضمن ألا تمتلك إيران سلاحاً نوويا أبدا. من المستحسن عدم ترك هذا الأمر للرئيس القادم، وهو ما تأمل القيادة الإيرانية في حدوثه.
مع تمسك الرياض بإقامة الدولة الفلسطينية.. ترامب لا زال يأمل في تطبيع السعودية علاقتها بإسرائيل.
توجيه سوريا نحو نظام معتدل: الحالة النهائية المرغوبة في سوريا واضحة – دولة مستقرة تتحكم بأراضيها، ولا تسمح بتطور أي تهديد تجاه إسرائيل، وتحافظ على علاقات دبلوماسية مع إسرائيل تصل إلى حد التطبيع.
التطبيع مع لبنان ونزع سلاح "حزب الله": الهجوم الإسرائيلي المستمر، الذي يهدف إلى منع إعادة تأهيل "حزب الله"، في غاية الأهمية. إن إضعاف الجيش الإسرائيلي للحزب عسكرياً هو ما مكن الحكومة اللبنانية من المطالبة بنزع سلاحه. لكن يجب فعل المزيد وبسرعة أكبر.
تعزيز أمن إسرائيل
مذكرة تفاهم جديدة مع الولايات المتحدة: يجب تكثيف الجهود لصياغة مذكرة تفاهم جديدة، تبنى حول انتقال تدريجي من المساعدة المالية المباشرة إلى شراكة عمل (وفقاً للنهج الذي تقوده الإدارة الأمريكية حالياً). بعبارة أخرى، انتقال من وضع إسرائيل كـ"دولة معانة" إلى "شريك استراتيجي".
برنامج بحث مشترك في موضوع التكنولوجيا العميقة (DeepTech): التكنولوجيات الناشئة – الحوسبة الكمومية، الذكاء الاصطناعي – ستغير مجرى الحياة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك ساحة المعركة المستقبلية.
انضمام إسرائيل إلى تحالف "العيون الخمس".
تحالف "العيون الخمس" هو تحالف لتبادل المعلومات الاستخباراتية، وهو بمثابة ناد نخبوي وفريد وقائم على الثقة بين خمس دول – الولايات المتحدة، كندا، المملكة المتحدة، أستراليا، ونيوزيلندا. تتبادل هذه الدول الأعضاء مصادر المعلومات الاستخباراتية وبالتالي تخلق نظام إنذار أقوى بكثير من نظام أي دولة بمفردها. سيعمل دمج إسرائيل في هذا الإطار على تحسين القدرات الاستخباراتية والموقع السياسي الإسرائيلي مما سيساعد بدوره على دفع الأهداف الإسرائيلية في الشرق الأوسط وفي الساحة الدولية الأوسع.
تعزيز الوجود العسكري الأمريكي
جاء في خبر نشرته وكالة رويترز يوم 6 نوفمبر 2025: أفادت مصادر لـ"رويترز" بأن الولايات المتحدة تتأهب لتأسيس وجود عسكري في قاعدة جوية في العاصمة السورية، في خطوة تهدف لدعم اتفاق أمني تعمل واشنطن على التوسط فيه بين سوريا وإسرائيل.
وتقع القاعدة في موقع استراتيجي يعد مدخلا إلى مناطق في جنوب سوريا يتوقع أن تشكل جزءا من منطقة منزوعة السلاح ضمن اتفاق عدم اعتداء يجري التفاوض عليه بين سوريا وإسرائيل بوساطة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يلتقي نظيره السوري أحمد الشرع في البيت الأبيض.
وأفادت ستة مصادر مطلعة أن التحضيرات جارية في القاعدة، من بينهم مسؤولان غربيان ومسؤول في وزارة الدفاع السورية.
وأكد مسؤول في الإدارة الأمريكية إن واشنطن "تقوم باستمرار بتقييم تموضعها الضروري في سوريا لضمان فاعلية جهودها"، مضيفا أنها لا تعلق على مواقع انتشار قواتها لأسباب تتعلق بالأمن العملياتي. وقد طلب المسؤول عدم الكشف عن اسم القاعدة أو موقعها.
وأوضح مسؤول عسكري غربي أن وزارة الحرب الأمريكية سرعت خلال الشهرين الماضيين استعداداتها، وأجرت عدة مهام استطلاعية خلصت إلى أن مدرج القاعدة الطويل جاهز للاستخدام الفوري.
وأشار مسؤول في وزارة الدفاع السورية إلى أن طائرات نقل عسكرية أمريكية من طراز C-130 هبطت في القاعدة لاختبار صلاحية المدرج، بينما أفاد أحد حراس الأمن في مدخل القاعدة أن الطائرات الأمريكية كانت تهبط هناك ضمن "اختبارات فنية".
وتحتفظ الولايات المتحدة حاليا بقوات في شمال شرق سوريا لدعم القوات الكردية، ضمن مهمة مستمرة منذ نحو عقد من الزمن. وكان البنتاغون قد أعلن في أبريل 2025 عزمه تقليص عدد تلك القوات إلى نحو ألف جندي.
جبهة لبنان
منذ منتصف شهر أكتوبر 2025 انتقلت التهديدات الإسرائيلية ضد "حزب الله" من التصريحات والضربات المحدودة إلى مرحلة أكثر خطورة تنذر بتصعيد واسع، حيث يشن الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات جوية مكثفة على جنوب لبنان.
وتتهم إسرائيل الحكومة اللبنانية بعدم القيام بواجبها تجاه نزع سلاح "حزب الله"، في حين تتجاهل ما يتعين عليها الالتزام به بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في نهاية نوفمبر 2024، والذي أنهى قتالا استمر 13 شهراً على الحدود بين الجانبين.
فبحسب بنود الاتفاق، يفترض أن ينزع حزب الله سلاحه، وأن يلتزم الطرفان بوقف إطلاق النار، مع انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية، لكنها لا تزال تحتفظ بخمسة مواقع داخل الأراضي اللبنانية.
وذكرت القناة الإسرائيلية الثانية عشرة أن إسرائيل قدمت "أدلة" إلى الولايات المتحدة تزعم فيها أن "الجيش اللبناني لا يمنع إعادة تسلح حزب الله". كما نقلت القناة عن مصادر عسكرية أن إسرائيل منحت الحكومة اللبنانية مهلة زمنية لنزع سلاح الحزب، ملوحة بعملية عسكرية واسعة النطاق إذا لم يتم تنفيذ ذلك، دون أن تكشف عن الموعد النهائي لتلك المهلة.
في المقابل، أبدت إسرائيل استعدادها لما وصفته بـ"احتمال رد من جانب حزب الله"، لكنها توعدت بأن "الثمن سيكون باهظا". ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر في الجيش قولها إن الهدف من الهجمات الأخيرة هو "تفكيك سلاح حزب الله"، مؤكدة أن العمليات تجري "بتنسيق مع الولايات المتحدة".
ولم تقتصر التهديدات الإسرائيلية على جنوب لبنان، بل امتدت إلى العاصمة بيروت، إذ نقلت وسائل إعلام عبرية عن مصادر لم تسمها قولها إنه "في حال عدم تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، فإن إسرائيل ستشن هجمات في جميع أنحاء لبنان، بما في ذلك بيروت".
وتزامن التصعيد الإسرائيلي مع إعلان الولايات المتحدة فرض عقوبات جديدة على أفراد اتهمتهم بنقل عشرات الملايين من الدولارات من إيران إلى حزب الله "لتمويل أنشطته".
الحرب قادمة
في تقرير له بتاريخ 8 نوفمبر، رأى المراسل العسكري لصحيفة "معاريف" العبرية أن الحرب القادمة مع لبنان "أقرب من أي وقت مضى"، موضحا أن الجيش الإسرائيلي يشتبه بأن "حزب الله" سيحاول تنفيذ هجوم ضد قواته.
وأوضح التقرير أن "الجيش الإسرائيلي أعد بنك أهداف للهجمات المضادة يشمل أهدافا ومباني متعددة الطوابق في الضاحية ببيروت، وأهدافا في سهل البقاع، وكذلك أهدافا لحزب الله شمالي نهر الليطاني. وينوي الجيش الإسرائيلي، في مثل هذه الحالة، توجيه ضربة قاسية لحزب الله وحرمانه من قدرات ثقيلة بناها في العقد الماضي".
من جهته، يؤكد "حزب الله" التزامه الكامل بوقف إطلاق النار، ويطالب الحكومة والجهات الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه في أواخر نوفمبر 2024، بالضغط على إسرائيل لوقف خروقاتها، حيث نفذ الجيش الإسرائيلي أكثر من 7000 خرق جوي و2400 نشاط شمال الخط الأزرق مع لبنان، ما يشكل مصدر قلق بالغ، وفق المتحدث باسم قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة "اليونيفيل" داني غفري.
وكان ضباط في أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، قد حذروا خلال جلسة سرية عقدتها لجنة الخارجية والأمن في الكنيست يوم الثلاثاء 4 نوفمبر، من تدهور شامل في الوضع الإقليمي مع تركيز خاص على الساحة اللبنانية.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية نقلا عن مسؤولين أمنيين، أن "الوضع في لبنان مقلق للغاية، حيث يعمل حزب الله على تعزيز قدراته بوتيرة أسرع من وتيرة الاستنزاف التي يتعرض لها".
وأكد ضباط في أجهزة الاستخبارات أن "الضربات التي تلقاها الحزب خلال الحرب فقدت تأثيرها تدريجيا، في وقت يسجل فيه التنظيم ارتفاعا واضحا في شرعيته الشعبية داخل لبنان".
وأشار الضباط إلى أن "حزب الله يعزز ترسانته العسكرية، وينتج أسلحة محليا، ويتلقى معدات عسكرية من الخارج، الأمر الذي ينذر بتصعيد محتمل ويزيد من مستوى التحديات الأمنية أمام إسرائيل" وحذر أنه إنه إذا نجح حزب الله في تعزيز ترسانته فلن يكون أي مكان في إسرائيل آمنا.
وكان السفير الأمريكي لدى تركيا والمبعوث إلى سوريا، توم باراك، قد عبر عن قلقه من "بطء عملية نزع سلاح الحزب"، داعيا إلى "حصر السلاح بيد الحكومة اللبنانية".
وقال باراك إن إسرائيل تواصل قصف جنوب لبنان لأن "آلاف الصواريخ والقذائف" لا تزال هناك وتشكل تهديدا مباشرا، لكنه أقر بأنه "ليس من المنطقي مطالبة لبنان بنزع سلاح أحد أحزابه بالقوة، فالجميع يخشون اندلاع حرب أهلية".
وأكدت مصادر استخباراتية أجنبية أن الحزب نجح جزئيا في إعادة إنشاء شبكات إمداده، وتلقى شحنات أسلحة من إيران عبر العراق وسوريا.
صمود
صرح علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران إن المبعوث الأمريكي توم باراك أدرك صعوبة نزع سلاح حزب الله في لبنان، الأمر الذي دفعه لإطلاق تهديدات صريحة.
وأوضح لاريجاني في تصريحات له بداية نوفمبر أن باراك تحدث بشكل استفزازي وصريح قائلا: "إما أن تلتزموا بما نطلبه أو ستواجهون الهجوم من إسرائيل". وأضاف أن الولايات المتحدة سبق وأن منحت لبنان مهلة 60 يوما لتطبيق مجموعة من المطالب، من بينها نزع سلاح حزب الله، لكنها أدركت صعوبة فرض هذه الشروط، الأمر الذي دفعها لإطلاق تهديدات صريحة.
وقال لاريجاني: "السيد باراك، الذي يتحدث بسهولة ويفصل نواياه، قال عند وصوله لأول مرة إلى لبنان إن أمامكم 60 يوما، وعليكم نزع سلاح لبنان وما إلى ذلك، لكنه أدرك بعد ذلك أن هذا غير ممكن، فغضب وشتم عدة مرات. كما قال مؤخرا: "إما أن تستمعوا إلى ما نقوله أو أنتم تعلمون"، أي أننا سنطالب إسرائيل بضربكم".
وفي آخر زيارة لتوم براك لبيروت، وصف لبنان بأنه "دولة فاشلة" تعاني من أزمات سياسية واقتصادية حادة، وأشار إلى أن الجيش اللبناني يواجه نقصا شديدا في الموارد المالية والبشرية، بينما يتمتع حزب الله بإمكانات مالية تفوق تلك المخصصة للجيش الرسمي، مما يعكس اختلالا خطيرا في التوازن داخل البلاد.
وخلال حديثه في منتدى حوار المنامة، شدد براك على ضرورة تحرك القيادة اللبنانية بسرعة لحصر سلاح حزب الله ودعا اللبنانيين إلى اللحاق بركب المفاوضات والحفاظ على حدودهم. كما أشار إلى أن إسرائيل مستعدة للوصول إلى اتفاق حدودي مع لبنان، لكنها قد ترد داخل الأراضي اللبنانية حسب التطورات، محذرًا من استمرار تهديد آلاف الصواريخ المنتشرة في جنوب لبنان لأمن إسرائيل.
جيش ومقاومة
في تعليق على الموقف الأمريكي أكد أمين عام "حزب الله" نعيم قاسم أن الولايات المتحدة تدعي أنها تتحرك في لبنان على أساس معالجة المشكلة، لكنها ليست "وسيطا نزيها بل هي الراعية للعدوان وتوسعه".
وذكز قاسم خلال حفل افتتاح "سوق أرضية" في الضاحية الجنوبية لبيروت: "الاعتداءات الإسرائيلية تزداد كلما تم الإعلان عن زيارة لمبعوث أمريكي وسط استمرار الضغوط".
وردا على تصريح مسؤول أمريكي حول الجيش اللبناني، تساءل قاسم: "عندما طلب الرئيس عون التصدي للعدوان الإسرائيلي، صرح مسؤول أمريكي بأن الجيش يساعد المقاومة، فهل أصبح التصدي والدفاع تهمة؟".
وأضاف: "ما هو موقف أمريكا من قتل العدو الإسرائيلي للمدنيين، وتدمير المنشآت، وجريمة بلدة بليدا، واغتيال الشهيد سلامة؟"، مؤكدا أن "أمريكا لم تعطِ لبنان شيئا".
وشدد قاسم على أن "قوة ارتباطنا بأرضنا أكبر من قدراتهم العسكرية مهما بلغت"، معتبرا أن "من يقاوم يستعيد الأرض ومن يساوم عليها يخسرها"، مضيفا أن "عنوان الوطنية هو السيادة والاستقلال والحرية، وهدف المقاومة حماية الأرض وتحرير الوطن".
وحمل الحكومة اللبنانية مسؤولية "طرد العدو، وحماية السيادة، ووقف الخروقات"، معتبرا أن "موقف رئيس الجمهورية في هذا الشأن مسؤول"، وطالب قاسم الحكومة "بوضع خطة تمكن الجيش من التصدي للعدوان الإسرائيلي"، محذرا من أن "لبنان في خطر حقيقي بسبب التوحش الأمريكي والتغول الإسرائيلي".
وأوضح أن "الكل في لبنان مسؤول عن مواجهة الاحتلال بحسب وظيفته ودوره"، مؤكدا أن "قطافي الزيتون على الخطوط الأمامية الحدودية هم السياديون الحقيقيون المتمسكون بأرضهم في بلد واحد مترابط اسمه لبنان"، وأشاد بمؤسسة جهاد البناء التي "تقوم بأعمال عديدة تصب في خدمة المزارعين"، معتبرا أن "الدولة غائبة عن الاهتمام بالشقين الزراعي والصناعي".
ودعا إلى "إيجاد التسويق المناسب حتى نخفف الحلقات بين المزارع والمشتري"، مؤكدا أن "الجهاد الزراعي والصناعي الذي أطلقه السيد حسن نصر الله هدف إلى عدم الرضوخ للضغوط الخارجية والاتكال على مواردنا".
كما دعا قاسم الشركاء في الوطن قائلا: "عندما تدعمون لبنانيين في مناطق أخرى، فأنتم تدعمون لبنان"، مشيرا إلى أنهم "لا يطلبون الدعم، بل ألا يطعنوا في الظهر وعدم خدمة المصلحة الإسرائيلية".
جبهة جديدة
في تطور غير مسبوق حسب صحيفة "معاريف"، وقناة i24NEWS، أعلنت إسرائيل بداية شهر نوفمبر 2025 عن تغيير جذري في سياساتها الأمنية على الحدود الجنوبية مع مصر، بعدما أعلن وزير الدفاع إسرائيل كاتس "الحرب" على تهريب الطائرات المسيرة على حدود مصر.
وبحسب بيان صادر عن وزارة الدفاع، وجه كاتس جيش الدفاع الإسرائيلي (الآيزيل) إلى تحويل المنطقة الحدودية المحاذية لمصر إلى "منطقة عسكرية مغلقة"، وتعديل تعليمات إطلاق النار لتمكين القوات من التصدي لأي عنصر غير مصرح له يدخل المنطقة، سواء كان مهربا أو مسيطِرا على طائرة مسيرة.
وكشفت صحيفة "معاريف" أن جهاز الأمن العام (الشاباك) سيعيد تصنيف تهريب الأسلحة عبر الطائرات المسيرة من الحدود المصرية باعتباره "تهديداً إرهابياً" — وليس جنائيا فقط — ما يمنح الأجهزة الأمنية صلاحيات أوسع لاستخدام أدوات مكافحة الإرهاب في التعامل مع هذه الظاهرة.
ويأتي هذا القرار ردا على تصاعد خطير في عمليات التسلل، حيث كشفت التقارير أن نحو 900 طائرة مسيرة نجحت في التسلل خلال الأشهر الثلاثة الماضية — مقارنة بـ464 في نفس الفترة من عام 2024 — محملة بالأسلحة، كلاشينيكوفات، قنابل يدوية، وذخائر، في تحول نوعي يشير إلى تنظيم مسلح متقدم قد يرتبط بجهات معادية.
جسر المسيرات
أفاد موقع "ناتسيف نت" الإسرائيلي يوم الجمعة 7 نوفمبر 2025 إن قرار وزير دفاع إسرائيل كاتس إعلان المنطقة الحدودية مع مصر "عسكرية مغلقة" لا يقتصر على مواجهة التهريب المتزايد عبر الطائرات المسيرة.
وأوضح التقرير أن القرار يشكل جزءًا من استراتيجية أوسع تجمع بين الردع العسكري والضغط الاقتصادي، حيث هدد وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين بعدم التصديق على اتفاق تصدير الغاز الكبير إلى مصر — البالغ قيمته 35 مليار دولار — في خطوة تهدف إلى دفع القاهرة نحو "العودة إلى التزاماتها الأمنية" ضمن إطار معاهدة السلام الموقعة عام 1979 برعاية أمريكية.
وبحسب المصادر الإسرائيلية، فإن هذا الاتفاق قد يستخدم كورقة مساومة استراتيجية لإعادة الوضع الأمني في سيناء إلى ما كان عليه قبل التصعيد الأخير.
لكن التقرير أشار إلى أن مصادر مصرية رسمية نفت تلقي أي إشعار رسمي من الجانب الإسرائيلي بتعليق الاتفاق، مؤكدة أن مصر لديها القدرة على تلبية احتياجاتها من الطاقة عبر مصادر بديلة.
وأكد ضياء رشوان، رئيس جهاز الاستعلامات الحكومي المصري، أن بلاده "أرسلت رسائل حاسمة لإسرائيل"، ملمحا إلى أن القاهرة لن تتراجع عن سيادتها الأمنية في سيناء، مشددًا على أن الوجود العسكري المصري هناك لا يعد خرقًا للمعاهدة، بل هو جزء من جهود مكافحة الإرهاب التي تم التنسيق بشأنها مع إسرائيل.
وأضاف أن الأمم المتحدة تراقب تنفيذ بنود المعاهدة من خلال مراقبيها المنتشرين في سيناء، ما يعزز الشفافية ويؤكد التزام مصر بالاتفاقيات الدولية.
ونقل التقرير عن الخبير العسكري المصري اللواء دكتور وائل راضي، المتخصص في الشؤون الإقليمية والإسرائيلية، تحليلاً يرى فيه أن الخطاب الإسرائيلي "يأتي في سياق حملة إعلامية تهدف إلى تشتيت الرأي العام الداخلي، وخلق صورة عن "خطر خارجي" لتغطية الأزمات السياسية والاقتصادية الداخلية".
وأشار راضي إلى أن "النظرية التي يعتمدها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تقوم على خلق عدو خارجي لتعزيز شعبيته"، مضيفا أن الصحف الإسرائيلية نفسها كشفت أن قرار تعليق الغاز جاء بتوجيهات مباشرة من نتنياهو.
ينظر إلى هذه الأزمة باعتبارها واحدًة من أصعب الاختبارات التي تمر بها العلاقة بين مصر وإسرائيل منذ توقيع معاهدة كامب ديفيد عام 1979.
فبينما تصر إسرائيل على أن تعزيز الوجود المصري في سيناء يهدد التوازن الأمني، تؤكد القاهرة أن نشاطها العسكري مشروع ومحدود.
وفي ظل تصاعد التوترات الأمنية والدبلوماسية، يصبح من الواضح أن السلام القائم لا يزال هشًا عند أول اختبار حقيقي للثقة، وأن استخدام ملفات الطاقة كوسيلة ضغط سياسي قد يقوض استقرارا كان ينظر إليه على أنه نموذج للعلاقات الإقليمية.
مستوطنات على مشارف سيناء
يوم 6 نوفمبر 2025 كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن موجة مطالب متزايدة من المجتمعات الاستيطانية على طول الحدود الجنوبية مع مصر بالتوسع الاستيطاني والزراعي من بئر السبع حتى إيلات.
وأشارت الصحيفة إلى أن قرار وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس بتحويل المنطقة الحدودية إلى "منطقة عسكرية مغلقة"، لاقى انتقادات من بعض الجهات الميدانية، لا سيما من مجلس رمات النقب الإقليمي، الذي رأى أن القرار "لا يغير شيئا على أرض الواقع".
ونقلت الصحيفة عن عيران دورون، رئيس المجلس الإقليمي، قوله: نحن نرحب بتبني وزير الدفاع لرؤيتنا بأن أي شيء يخترق الحدود هو تهديد أمني وليس مجرد جريمة جنائية، لكن الحل الحقيقي لا يكمن فقط في إغلاق المجال الجوي، بل في تجفيف المستنقع من جذوره.
ودعا دورون الحكومة إلى اتخاذ خطوات استراتيجية أوسع، منها السماح بالتوسع الاستيطاني في منطقة "فتحت نِتسانا" — التي تعد التجمع الاستيطاني الوحيد على طول الحدود مع مصر بين بئر السبع وإيلات — عبر تفعيل أراضٍ عسكرية غير مستغلة وقواعد مهجورة لاستيعاب مئات العائلات الجديدة.
كما دعا إلى تطوير زراعة إسرائيلية مبتكرة في هذه المناطق، باعتبارها وسيلة لتحقيق السيطرة الأمنية من خلال الحضور البشري الدائم، مشددًا على أن "الحيز الفارغ على الحدود هو فراغ أمني يستغل من قبل المهربين".
تعكس هذه المطالب تصعيدًا واضحًا في الموقف الإسرائيلي تجاه الحدود الجنوبية، حيث تسعى إسرائيل إلى تحويل ظاهرة الطائرات المسيرة المهربة من سيناء إلى ذريعة لفرض سيطرة أمنية شاملة، لا تعتمد فقط على التقنية والعسكرة، بل أيضًا على الاستيطان والتمدد البشري.
ويأتي ذلك في ظل مخاوف متزايدة من أن تتحول شبه جزيرة سيناء إلى جبهة خلفية جديدة قد تستخدم لأعمال عدائية ضد الدولة العبرية، سواء من خلال شبكات التهريب أو جهات أخرى.
خلل خطير
في القاهرة أكد الخبير السياسي حسن سلامة أن القرار الإسرائيلي الأخير بتحويل المنطقة الحدودية مع مصر إلى "منطقة عسكرية مغلقة" يعكس حالة من الارتباك داخل الحكومة الإسرائيلية.
وأشار في تصريحات لـRT إلى أن ذلك يعكس عدم قدرتها على اتخاذ قرارات استراتيجية متماسكة، مشيرًا إلى أن هذا الإجراء المفاجئ يعبر أيضًا عن مستوى عالٍ من الذعر والخوف الداخلي من تنامي القدرات العسكرية المصرية، لا سيما في شبه جزيرة سيناء.
وأوضح سلامة أن القرار يُعد محاولة من قبل وزراء حكومة إسرائيلية متطرفة فرض أمر واقع على الأرض، وفرض رواية أحادية تتناقض مع التزامات الجانبين بموجب اتفاقية كامب ديفيد للسلام.
وأشار إلى أن مصر تحافظ باستمرار على التزاماتها بالمعاهدة، وتؤكد مرارا قدرتها على ضبط حدودها الجوية والبرية، وهو ما نفته السلطات الإسرائيلية رغم الأدلة والتصريحات الرسمية المتكررة من القاهرة.
ولفت سلامة إلى أن إسرائيل تواصل منذ فترة طويلة — وقد تمتد لما قبل 7 أكتوبر — ترويج رواية غير مؤكدة مفادها أن مصر تسمح بمرور أسلحة من أراضيها إلى قطاع غزة لصالح حركة حماس، وهو ما نفته مصر بشدة، وأكدت أنه لا أساس له من الصحة.
ومع ذلك، لا تزال الحكومة الإسرائيلية تردّد هذه الادعاءات في اجتماعاتها، متخذةً منها ذريعة لتبرير قرارات مثل اعتبار الحدود منطقة عسكرية.
وأضاف الخبير السياسي أن العلاقات بين القاهرة وتل أبيب وصلت إلى أدنى مستوياتها، لا سيما في ملفات صفقة الغاز والتبادل التجاري، ما يعكس غياب الاهتمام الإسرائيلي الحقيقي بالسلام، ويظهر هيمنة الفكر المتطرف على صنع القرار الأمني والعسكري في إسرائيل، الأمر الذي قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على الاستقرار الإقليمي.
وفي المقابل، أكد سلامة أن مصر تمتلك القدرة على الردع وحماية حدودها، وأن أي تصعيد غير مبرر سيكون له رد حاسم.
من جانبه، قال اللواء إيهاب يوسف، خبير المخاطر الأمنية ورئيس جمعية الشرطة والشعب، إن إعلان إسرائيل اعتبار المنطقة الحدودية مع مصر "منطقة عسكرية" يشكل انتهاكًا مباشرا لاتفاقية كامب ديفيد، التي تنص على أن هذه المنطقة يجب أن تكون منزوعة السلاح.
وأشار إلى أن القرار لا يخالف الاتفاقية فقط، بل يحمل خطرا أمنيًا محدقا، إذ قد يؤدي إلى مواجهات محدودة في حال قيام القوات الإسرائيلية بمطاردة عناصر تتهمهم بالاختراق، ودخولها العمق المصري دون تنسيق، ما يهدد بتصعيد قد يكون غير مقصود لكن عواقبه خطيرة.
عمر نجيب









