سعادة السفير المختار ولد داهي يكتب :فُرصُ الاستثمار بموريتانيا... أرقامٌ وتحفيزات جذابة

ثلاثاء, 2025-05-27 14:10

من المجمع عليه لدى كل العارفين بالاقتصاد الموريتاني - مواطنين وشركاء مؤسسين ومستثمرين خصوصيين - أنَّ فرص الاستثمار عديدة وفي المجالات الواعدة، وهي: المعادن، والنفط والغاز، والطاقات المتجددة، وصيد الأسماك، والزراعة والتنمية الحيوانية.

ويمكن توضيحُ وتوكيدُ الفرصِ الاستثمارية المنوّه بها من خلال التذكير ببعض الأرقام المُعَرّفة؛ ففي مجال المعادن تحوزُ الخريطة المعدنية الموريتانية 900 مؤشر معدني، منها احتياطات معتبرة من الذهب والنحاس والفوسفات واليورانيوم والحديد. وعلى سبيل المثال تقدر احتياطات البلد من الحديد بـ15 مليار طن، كما تقدر احتياطات الذهب بـ150 مليون أوقية، أضِف إلى ذلك 100 مليون رطل من اليورانيوم و250 مليون طن من الفوسفات، وتنشط في هذه المجالات شركات وطنية وأجنبية بمختلف محطات الاستكشاف والاستغلال والإنتاج، لكن المجال ما زال يتَّسع لمزيد من الاستثمارات في ميادين استكشاف واستخراج المعادن وصناعة الصلب والحديد وتصفية الذهب.

أما بخصوص النفط والغاز، فتشير الدراسات إلى وجود 100 تريليون قدم مكعب توجد بحوضين عريضين في أعماق المياه الإقليمية بالمحيط الأطلسي وعلى اليابسة بمنطقة تاودني، وقد تم لحد الآن الاكتشاف المؤكد لـ11 حقل نفط وغاز، ويوجد ثلاثون مقطعاً محدداً ابتغاء الاستكشاف والاستغلال جاهزاً للترخيص موجهاً للمستثمرين الراغبين في ذلك، وقد انضمت موريتانيا مؤخراً إلى نادي الدول المصدرة للغاز المُسالِ بعد البدء يناير (كانون الثاني) 2025 بتصدير الغاز المنتَج من حقل «السلحفاة» في أعماق المياه الإقليمية بالمحيط الأطلسي.

وفي ميدان الطاقات المتجددة، يتوفر البلد على 2300 كيلوواط/ الساعة/ للمتر المربع، من القدرة على توفير الطاقة الشمسية، و9 أمتار/ للثانية من سرعة الرياح.

كما يتوفر البلد على 20.1 غيغاواط من الاحتياطي السنوي لإنتاج الهيدروجين الأخضر، بما تعدّ مؤشرات جدُ مشجعة للمستثمرين الذين يطمحون لمواكبة التحول الطاقوي.

وفيما يتعلق بالثروة السمكية، فإنَّ موريتانيا تحوز واجهة ساحلية طولها 750 كلم على المحيط الأطلسي مع منطقة اقتصادية خالصة تمتد على مساحة 234.000 كلم2، وهي من أكثر الشواطئ بالعالم غنى وتنوعاً وجودة بالثروات السمكية، تتوزع على 600 صنف، ويتم اصطياد 1.8 مليون طن من الأسماك سنوياً، ولا يزال قطاع الصناعات التحويلية للأسماك شِبه بِكر رغم وجود 4 موانئ في شعاع منطقة وجود الأسماك؛ وهي: ميناء نواكشوط، وميناء نواذيبو (منطقة حرة)، وميناء تانيت (منطقة اقتصادية خاصة) وميناء إنجاغو.

أما بالنسبة للقطاع الزراعي والحيواني، فتوجد بالبلاد 513 ألف هكتار قابل للزراعة، ومصادر مياه تقدر بـ11.4 مليار متر مكعب في السنة، وما زالت البلاد تستورد ثلثي احتياجاتها من المواد الغذائية، وتتوفر بالقطاع الزراعي فرصُ استثمار عديدة؛ إن على مستوى الإنتاج أو مدخلات الإنتاج، أو تصنيع المواد الغذائية. وتحوزُ البلاد أيضاً ثروة حيوانية معتبرة تقدر بـ30 مليون رأس؛ منها 1.5 مليون من الإبل، و17 مليوناً من الماعز والأغنام، و2.5 مليون رأس من الأبقار، والمتأمِلُ للأرقام ذات الصلة بالثروة الحيوانية يستنتج توفر فرص استثمارية في مجالات الألبان ومشتقاتها ومعالجة وتصدير اللحوم الحمراء.

أمَّا التشجيعات المحفزة لاغتنام فرص الاستثمار في موريتانيا، فتبيّن الأرقام المُبَينةُ أعلاه وجودَ فرص استثمارٍ واعدة بقطاعات استراتيجية، حيث حرصت الدولة الموريتانية على اتخاذ كل الإجراءات لتحسين مناخ الأعمال عموماً، ومناخ الأعمال والاستثمار مع المملكة العربية السعودية خصوصاً.

ومن محفزات الاستثمار عموماً تحيينُ مدونة الاستثمار وترفيعُ مستوى التشجيعات، والتحفيزات الممنوحة للمستثمرين عموماً والمستثمرين الأجانب خصوصاً، وعلى الأخص في مجالات التعدين، والنفط والغاز، والطاقات المتجددة، والثروة السمكية والزراعة.

ومن أبرز التحفيزات الموجهة للاستثمار، وجود شباك موحد one stop shop يمكّن من إنشاء المقاولات واستصدار التراخيص والاطلاع على النظم والترتيبات في أوقات وجيزة ومحدد قانوناً سقفُها، إذ تنص المادة 28 من مدونة الاستثمار على آجال إلزامية للإدارة الموريتانية بالرد إيجاباً أو سلباً مُعللاً خلال فترة أقصاها 45 يوماً بالنسبة للمال المستثمَرُ بما يقدر بـ200 مليون أوقية موريتانية، (ما يعادل 20 مليون ريال سعودي). كذلك المعاملة التماثلية للمستثمرين الأجانب والمواطنين، إذ يتمتع المستثمر الأجنبي بنفس حقوق والتزامات المستثمر المواطن، والحق بالنسبة للمستثمر الأجنبي في النفاذ إلى العملة الصعبة (من دون تأخير)، تحويلاً للأرباح والأقساط وسداداً لتكاليف استيراد السلع والخدمات، وهو ما تنص عليه المادتان 5 و6 من مدونة الاستثمار، إضافة إلى التسهيلات الجمركية والضريبية الكبيرة للاستثمارات الهيكلية، بحيث لا تتجاوز الضرائب على الواردات ذات الصلة بالإنشاء والتشغيل 1.5 في المائة.

ولضمان تسهيل وتأمين وتسريع إجراءات نفاذ الاستثمار الأجنبي إلى موريتانيا، أنشأتِ الدولة العديد من الأجهزة المؤسسية؛ منها: المجلس الأعلى للاستثمار الذي يرأسه رئيس الجمهورية، والوكالة الوطنية لترقية الاستثمار في موريتانيا، والمديرية العامة لترقية الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وسلطة منطقة نواذيبو الحرة.

وتمييزاً تفضيلياً للاستثمارات السعودية بموريتانيا، تمت المصادقة عام 2024 عبر قانون صوت عليه البرلمان الموريتاني، على اتفاقية من شأنها التشجيعُ والحمايةُ المتبادَلة للاستثمار بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الموريتانية، وبمقتضاها يستفيد المستثمرون السعوديون بموريتانيا من نفس الامتيازات والمعاملات التي يستفيد منها المستثمرون المواطنون، ويحظى الاستثمار السعودي بموريتانيا بيقظة خصوصاً من السفارة الموريتانية بالرياض، من خلال نافذة مخصصة لتسهيل وتسريع كل الإجراءات ذات الصلة.

هذا باختصار بعض الأرقام المُعرّفة والتشجيعات المُحَفِزة لفرص الاستثمار بموريتانيا عموماً، والاستثمارات السعودية خصوصاً، آملاً في أن تشهد الاستثمارات السعودية العمومية والخصوصية، دفعاً قوياً يتناغم مع الإرث الوضَّاء للعلاقات بين البلدين وراهن العلاقات الممتازة بين الشعبين والقيادتين الموريتانية والسعودية.

*سفير الجمهورية الإسلامية الموريتانية بالرياض